وبالجملة هذه العلامات موجبة للظهور فيما لا قرينة في الكلام فالظهور ناش منها فكيف يستغنى منها.
لا يقال : إنّ الظهور ناش من أصالة الحقيقة لا من العلامات.
لأنّا نقول : إنّ التبادر أو صحّة الحمل أو الاطّراد أو الاستعمال المجرّد يوجب ظهور اللفظ في المتبادر والمستعمل فيه بدون القرينة أو ما يكون قابلا لأن ينطبق على الموضوع ولكن مع ذلك لاحتمال كونها من غير ناحية اللفظ مجال إذ المفروض هو حصول الظنّ لا العلم وعرف العقلاء لا يعتنون بهذا الاحتمال ويجرون أصالة الحقيقة أي أصالة عدم القرينة ومدخليّة شيء آخر. فبعد تحقّق العلامة وجريان الأصل يحكم بكون المراد هو الموضوع له ويكون حقيقة. وعليه فالبحث عن العلامات بحث عن محقّقات الظهور فلا يكون ذلك بلا فائدة كما لا يخفى.
* * *
الخلاصة :
١ ـ علائم الحقيقة والمجاز متعدّدة ؛ منها : تنصيص الواضع كالآباء بالنسبة إلى أسامى أولادهم أو الحكومة بالنسبة إلى أسامى الشوارع أو الأزقّة أو المخترعين بالنسبة إلى أسامي ما اخترعوه لأنّهم هم الواضعون ويكونون أعرف بفعلهم من غيرهم.
ومنها : النقل المتواتر لكيفيّة الوضع فإنّ التواتر يفيد العلم وهو حجّة بل يلحق به الشياع المفيد للعالم. ربما يقال : إنّه لا مناقشة فيه إلّا في وجوده ولكنّه لا وقع لها بعد ملاحظة كثرة الألفاظ التي تكون كذلك كلفظة الماء والتراب والبرد والحرّ والجنّ والإنس وغيره.
ومنها : تنصيص مهرة الفنّ كقول اللغويّ إذا كان خبرة تشخيص الحقيقة والمجاز