ثمّ إنّ الظاهر أنّ تلك الاصول العقلائيّة دائرة مدار بناء العقلاء والمتيقّن منها هو ما إذا لم يكن في الكلام ما يصلح للقرينيّة وإلّا فلا مجال لواحد منها.
ولذا قال في مقالات الاصول : وأمّا دورانه بين الإطلاق والتقييد أو الحقيقة والمجاز فمع عدم اقتران الكلام بما يصلح للقرينيّة فلا إشكال في تقديم الإطلاق أو الحقيقة على التقييد والمجاز ومع الاقتران فلا مجال للرجوع إليهما إلّا بناء على التعبّد بأصالة الحقيقة وأصالة الإطلاق بلا احتياج إلى إحراز ظهور في اللفظ ولو بمعونة مقدّمات الحكمة وإتمام هذه الجهة في باب الألفاظ في غاية الإشكال ولو للشكّ في بنائهم على مثل هذه الأحوال من باب التعبّد المحض حتّى مع الشكّ في الظهور فيه. (١)
تبصرة : اشترط جمع من الاصوليّين في جريان أصالة عدم النقل أن يكون الشكّ في أصل النقل وأمّا إذا علم بالنّقل وشكّ في تقدّمه على الاستعمال وتأخّره فلا مجرى لها.
قال في تهذيب الاصول : والحقّ أنّ اعتمادهم عليها إنّما هو فيما إذا شكّ في أصل النقل لامع العلم به والشكّ في تقدّمه على الاستعمال وتأخّره عنه. (٢)
وفي قبالهم جمع آخر ذهبوا إلى التفصيل بين العلم بتاريخ الاستعمال وعدمه فتجرى في الأوّل دون الثاني.
قال في الدّرر : ولو شكّ في تأخّر الاستعمال وتقدّمه إمّا لجهل التاريخ في أحدهما أو كليهما فالتمسّك بأصالة عدم الاستعمال إلى ما بعد زمان الوضع فيثبت بها تأخّر الاستعمال مشكل فإنّه مبنىّ على القول بالاصول المثبتة إمّا مطلقا أو في خصوص المقام مضافا إلى معارضتها بالمثل في القسم الثاني (أي في الجهل بتاريخ كليهما تعارضت
__________________
(١) مقالات الاصول : ١ / ٣٣.
(٢) تهذيب الاصول : ١ / ٦١.