التاريخ إذ بالأصل والوجدان يتحقّق موضوع الأثر. (١)
وذلك لما عرفت من كون أصالة عدم النقل من الأمارات ودعوى عدم إثبات الاستعمال حال بقاء الوضع الأوّل بأصالة عدم النقل لا وجه لها بعد كونه من اللوازم العقليّة حيث أنّ لازم بقاء الوضع الأوّل إلى ما بعد الاستعمال هو كون الاستعمال واقعا حال بقاء الوضع الأوّل والقول بأنّ مفاد الأصل هو جرّ العدم فقط لا جرّ العدم إلى شيء آخر فيه منع بعد كون الشائع من البناء هو ذلك من دون إنكار من العقلاء.
هذا مضافا إلى أنّه لو كان كذلك لم ينتج جريان أصالة عدم النقل فيما إذا كان الاستعمال معلوما وقته أيضا لأنّها مجرّد جرّ عدم النقل لا جرّ عدم النقل إلى زمان الاستعمال المعلوم وقته حتّى يستلزم وقوع الاستعمال حال عدم النقل.
ولذا قال في تهذيب الاصول : ولو قيل إنّ استصحاب العدم هو جرّه فقط لا إلى كذا وكذا فهو مع فساده يستلزم عدم الإنتاج في الصورة الأولى أيضا فإذا أمكن جرّه إلى الزمان المعلوم أمكن جرّه إلى الزمان المعيّن واقعا المجهول عندنا. (٢)
وممّا قدّمنا يتّجه القول الثالث وهو جريان أصالة عدم النقل مطلقا سواء شكّ في النقل أو علم بالنقل وشكّ في التقدّم والتأخّر من دون تفصيل بين العلم بالاستعمال والجهل به. فيجرى أصالة عدم النّقل في جميع تلك الموارد.
لا يقال : مع العلم بالنقل كيف يجري أصالة عدم النقل.
لأنّا نقول : إنّ العلم بالنقل إجماليّ لا تفصيليّ ومعه تحقّق الشكّ في ارتفاع الوضع الأوّل فلا يرفع اليد عن الوضع الأوّل وهو الحجّة بلا حجّة على خلافه إذ مع العلم الإجمالىّ بأصل النقل لا يزول الشكّ في بقاء الوضع الأوّل فكما أنّ العلم بالنقل في
__________________
(١) بدائع الأفكار : ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٢) تهذيب الاصول : ١ / ٦٣.