وأمّا بناء على عدم كون الإضمار من المجازات لتقدير المسند إليه كتقدير الأهل في قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) فتتعارض أصالة عدم تعدّد الوضع مع أصالة عدم التقدير واستعمال القرية في الأهل من باب الاشتراك فتتساقطان فيحصل الإجمال.
ومنها : ما إذا دار الأمر بين التقييد والتخصيص.
قال في منتهى الاصول : نذكر وجه تقديم الأوّل على الثاني مفصّلا في مبحث التعادل والتراجيح. (١)
وقال في مبحث التعادل والتراجيح : إذا كان أحد الدليلين عامّا اصوليّا والآخر إطلاقا شموليّا كقوله : «أكرم العلماء» حيث أنّه عام اصوليّ مقدّم على قوله : «لا تكرم الفاسق» في مادّة الاجتماع أي العالم الفاسق. والسرّ في ذلك أنّ شمول العامّ الاصوليّ لمورد الاجتماع بالوضع وشمول الإطلاق الشموليّ له بالإطلاق ومقدّمات الحكمة. ومن تماميّة مقدّمات الحكمة عدم القرينة على التقييد ويكفي في القرينيّة شمول العموم لمورد الاجتماع بالوضع من دون اشتراطه بشيء. إلى أن قال : وعلى هذا القياس حال الإطلاق البدليّ مع العامّ الاصوليّ فلو قال : «أكرم عالما» وقال أيضا : «لا تكرم الفسّاق» فشمول الإطلاق البدليّ لمورد الاجتماع أي العالم الفاسق بالإطلاق وشمول العامّ الاصولي له بالوضع فيكون مانعا عن تحقّق الإطلاق.
وزاد عليه دوران الأمر بين تقييد الإطلاق البدليّ وتقييد الإطلاق الشموليّ. وقال : إذا كان أحد المتعارضين من قبيل الإطلاق الشموليّ والآخر من قبيل الإطلاق البدليّ كما إذا قال : «اكرم عالما» فإنّه إطلاق بدليّ كما تقدّم. وقال أيضا : «لا تكرم الفاسق» فإنّه إطلاق شمولىّ لما تقدّم من انحلال النهي إلى قضايا متعدّدة حسب تعدّد أفراد موضوعه أي متعلّق متعلّقه كقوله : «لا تشرب الخمر» والمثال المذكور أي «لا تكرم الفاسق». فتقييد
__________________
(١) منتهى الاصول : ١ / ٤٤.