الإطلاق البدليّ مقدّم على تقييد الإطلاق الشموليّ وإن كان كلاهما بمقدّمات الحكمة وذلك من جهة أنّ جريان مقدّمات الحكمة في الإطلاق الشموليّ يمنع عن جريان مقدّمات الحكمة في الإطلاق البدليّ بخلاف العكس لأنّ الإطلاق البدليّ عبارة عن تعلّق التكليف بصرف الوجود وحيث أنّ جميع وجودات الطبيعة في ضمن وجودات جميع الأفراد متساوي الأقدام في انطباق صرف الوجود عليها فالعقل يحكم بالتخيير في مقام التطبيق بواسطة إجراء مقدّمات الحكمة. ولكن الإطلاق الشموليّ في طرف المعارض يخرج هذا الفرد الذي هو مورد الاجتماع عن كونه متساوي الأقدام مع سائر الأفراد في انطباق صرف الوجود عليه لابتلائه بالحكم المنافي مع هذا الحكم فجريان مقدّمات الحكمة في الإطلاق البدليّ مشروط بشرط وهو تساوي أقدام الأفراد بخلاف الجريان في الإطلاق الشموليّ فإنّه ليس مشروطا بشرط لأنّ الإطلاق الشموليّ عبارة عن تعلّق الحكم بوجود الطبيعة السّارية وهذا المقدار مشترك بين العامّ الاستغراقيّ والإطلاق الشموليّ. (١)
وفيه أوّلا : كما أشار إليه في الدرر : (٢) أنّ عدم البيان الذي اعتبر في تحقّق الإطلاق هو عدم البيان المتّصل لا الأعمّ منه ومن المنفصل.
إذ مع الاتّصال لا ينعقد الظهور فيتقيّد انعقاد الظهور بعدم البيان أو القرينة. هذا بخلاف البيان المنفصل فإنّ ظهور كلّ دليل في مفاهيمه ينعقد فيدور الأمر بين الظهورين ويتقدّم أقواهما على الآخر إن كان وإلّا فيتعارضان.
نعم تتوقّف الإرادة الجدّيّة على الفحص وملاحظة التقييد أو التخصيص ولكن ذلك لا ينافي انعقاد الظهور الاستعماليّ من دون توقّف على المقيد أو المخصّص
__________________
(١) نفس المصدر : ٢ / ٥٦ ـ ٥٦٩.
(٢) الدرر : ٢ / ٦٨٠.