المنفصل كما لا يخفى.
وثانيا : أنّ التفرقة بين الإطلاق البدليّ والإطلاق الشموليّ مع تقييد كلّ واحد منهما على جريان مقدّمات الحكمة كما ترى ، لمساواتهما في ملاحظة الشرط وعدمه فإنّ المنافي إن لوحظ وقيد المتعلّق بعدم المنافي فهو جار بعينه في متعلّق الإطلاق الشموليّ. وإن لم يتقيّد المتعلّق بعدم المنافي في طرف الإطلاق الشموليّ فالأمر أيضا كذلك في الإطلاق البدليّ ولا يزيد أمر الإطلاق الشموليّ عن العامّ الاصوليّ وقد عرفت أنّ الظهور الإطلاقيّ مع العامّ الاصوليّ المنفصل منعقد فكيف لا ينعقد الظهور الإطلاقيّ مع الإطلاق الشموليّ المنفصل.
ومجرّد كون الإطلاق الشموليّ عبارة عن تعلّق الحكم بوجود الطبيعة السارية وهذا المقدار الذي هو مشترك بين العام الاستغراقيّ والإطلاق الشموليّ لا يمنع عن انعقاد الظهور الإطلاقيّ كما لا يمنع عنه العامّ الاصوليّ.
وثالثا : أنّ التقييد أو التخصيص بمعناهما عند المتأخّرين ليسا من أحوال الألفاظ إذ لا يلزم من تقييد المطلق أو تخصيص العامّ مجاز إذ التصرّف في ناحية المراد لا في ناحية المستعمل فيه كما حقّقه سلطان العلماء قدسسره وعليه فعدّهما من أحوال الألفاظ مسامحة. وعلى فرض التسامح لا يختصّ الدوران بالمذكورات لإمكان الدوران أيضا بين التخصيصين كما إذا كان المتعارضان عامّين من وجه فالتصرّف في كلّ طرف تخصيص فحينئذ لا ترجيح لأحدهما على الآخر إلّا إذا كان فيه أمر يوجب قوّة الظهور بالنسبة إلى الآخر كما إذا كان أحدهما واردا في مورد الاجتماع فلا بدّ وأن يخصّص الآخر لأنّ تخصيص المورد قبيح فإذا سئل عن جواز إكرام العالم الفاسق وقال في الجواب «أكرم العلماء» وصدر منه أيضا قبلا أو بعدا «لا تكرم الفسّاق» فلا بدّ وأن يقدّم عموم «أكرم العلماء» ويخصّص عموم «لا تكرم الفسّاق» وإن كان بينهما عموم من وجه.