بخلاف الوضع فإنّ الحكاية فيه مقصودة على وجه الاستقلال لأنّ حقيقة الوضع هو جعل اللفظ لمعنى بحيث يحكى به عنه عند الاستعمال وهو متوقّف على ملاحظة اللفظ والمعنى وجعل الارتباط والعلقة بينهما ومن البيّن أنّ الجمع بينهما في لحاظ واحد جمع بين اللحاظين.
لأنّا نقول : اجيب عنه بوجوه :
منها : ما في تعليقة الأصفهانيّ قدسسره من أنّ التحقيق أنّ إنشاء الوضع حقيقة بمعنى جعل اللفظ بحيث يحكي بنفسه بجعل لازمه وهو جعله حاكيا فعلا بنفسه معقول فالحكاية وإن كانت مقصودة وملحوظة آليّا في الاستعمال إلّا أنّها مقصودة بالاستقلال في مرحلة التسبّب إليها بإنشاء لازمها وجعله ، فتدبّر. انتهى (١)
ولقد أفاد وأجاد فإنّ استعمال اللفظ في المعنى الشرعيّ بعنوان أنّه معناه على سبيل المعاني الحقيقيّة من دون ملاحظة علقة من العلائق والمناسبات المجازيّة يستلزم بدلالة الاقتضاء على أنّ اللفظ موضوع لذلك إذ بدونه لا يمكن هذا الاستعمال الخاصّ كما لا يخفى.
فإنشاء اللازم يستلزم إنشاء الملزوم وهو وضع اللفظ لهذا المعنى كما أنّ إنشاء بيع المبيع من ذي الخيار يستلزم بدلالة الاقتضاء الفسخ إذ بدونه لا يمكن البيع مجدّدا لما باعه قبلا فإنّه بالبيع الأوّل انتقل المبيع عنه إلى المشتريّ فكيف يمكن أن يبيعه ثانيا من شخص آخر بدون إنشاء الفسخ قبلا. وعليه فالإنشاء الواحد يكون بيعا وفسخا أمّا الفسخ فلإنشاء لازمه ولا يمكن إنشاء اللازم من دون إنشاء ملزومه وهو الفسخ فهذا الإنشاء بهذا الاعتبار فسخ وأمّا البيع فهو واضح فإنّ نفس اللازم هو البيع.
وفي المقام يكون الاستعمال في مرحلة حكايته عن المعاني ملحوظا باللحاظ الآليّ
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٤٤.