وفي مرحلة التسبّب به إلى الوضع ملحوظا باللحاظ الاستقلاليّ ولا مانع من اجتماعهما لتعدّد الجهات كما لا يخفى.
ولكن أورد عليه في منتهى الاصول أوّلا : بأنّ هذا خروج عن الفرض لأنّ الكلام في تحقّق الوضع بنفس الاستعمال لا بشيء آخر.
وثانيا : بأنّ الوضع عبارة عن العلاقة المذكورة ولا يمكن حصول تلك العلاقة جعلا إلّا بتصوّر طرفيها مستقلا وبالمعنى الاسميّ ففي هذا المقام إن لم يكن له تصوّر وإنشاء في البين غير هذا الاستعمال يلزم المحذور المذكور أعني اجتماع اللحاظين. وإن كان تصوّر وإنشاء وجعل في البين غير هذا الاستعمال فيحتاج إلى سبب عرفيّ أو شرعيّ للإنشاء كما في سائر الإنشاءات والمفروض أنّ غير هذا الاستعمال ليس شيء في البين. وإن أراد المدّعي أنّ تلك العلاقة توجد بنفس هذا الاستعمال من دون إنشاء آخر وجعل ذلك الملزوم فهذا واضح البطلان لأنّه لو فرضنا أنّه جعل اللفظ حاكيا عن المعنى في نفسه بدون قرينة في هذا الاستعمال فصرف هذا لا يوجب وجود علاقة وارتباط بين اللفظ والمعنى في عالم الاعتبار من دون أن يتعلّق جعل بنفس تلك العلاقة والارتباط. وهذا واضح جدّا والإنصاف أنّه لو ساعد البناء العرفيّ وعلمنا أنّهم في مقام تسمية أولادهم مثلا يبنون على وجود مثل هذه العلاقة بمثل هذه الاستعمالات فلا بدّ وأن يحمل على أنّ البناء القلبيّ عندهم سبب لحصول تلك العلاقة إذا كان متعقّبا بمثل ذلك الاستعمال. (١)
ويمكن الجواب عنه أوّلا : بأنّ الوضع حاصل بنفس الاستعمال لا بشيء آخر حتّى يلزم الخروج عن الفرض كما أنّ إنشاء الفسخ حاصل بنفس إنشاء البيع المجدّد من ذي الخيار لا بشيء آخر.
__________________
(١) منتهى الاصول : ١ / ٤٩.