ألا ترى أنّ من قال عند تسمية ولده جئنى بإبراهيم استعمل لفظ إبراهيم في ولده على نحو الاستعمال الحقيقيّ بمعنى أنّه لم يلاحظ علاقة من علائق المجاز وأنشأ بنفس الاستعمال الارتباط والعلاقة بين تلك اللفظة وولده ولا مدخليّة لشيء آخر غير الاستعمال فحديث خلف الفرض لا أصل له.
وثانيا : بأنّ اجتماع اللحاظين في شيء واحد مع تعدّد الملحوظين لا أساس له وذلك لأنّ الملحوظ باللحاظ الآليّ هو استعمال اللفظ في معناه بما هو حاك عنه وإنشاء الحكاية به والملحوظ باللحاظ الاستقلاليّ هو مرحلة التّسبب به إلى ملزومه وهو إنشاء الوضع والعلاقة بين اللفظ وهذا المعنى وهذان أمران مختلفان فلا مانع من اجتماع اللحاظين فيهما ، فالآليّة والاستقلاليّة ليسا في شيء واحد ومعه لا مناقضة.
وثالثا : بأنّ الوجه في كون إنشاء الحكاية باستعمال اللفظ في معناه إنشاء الوضع وإيجاد العلقة بين اللفظ وهذا المعنى الجديد هو ما عرفت من أنّ هذا الاستعمال الكذائيّ من دون ملاحظة علقة من علائق المجاز لا يمكن إلّا أن يسبقه رتبة إنشاء الوضع والعلقة بين اللفظ والمعنى كما أنّه لا يمكن إنشاء البيع المجدّد من ذي الخيار إلّا أن يسبقه رتبة إنشاء فسخ البيع الأوّل وبما ذكر يظهر كيفيّة دلالة إنشاء اللازم على إنشاء الملزوم بدلالة الاقتضاء فلا وجه لقوله : «فصرف الاستعمال لا يوجب وجود علاقة وارتباط بين اللفظ والمعنى في عالم الاعتبار» كما لا يخفى.
ورابعا : بأنّ الغفلة عن اللفظ حين الاستعمال ليست إلّا من جهة عدم الداعي إلى الالتفات إليه وإلّا فيمكن الالتفات إلى اللفظ مع كونه مستعملا في معناه كما هو واقع في ألفاظ الفصحاء والبلغاء فاللفظ الواحد من جهة حكايته عن المعنى لم يلحظ إلّا لحاظا آليّا ومن جهة نفسه يكون ملحوظا باللحاظ الاستقلاليّ ولعلّ إليه أشار سيّدنا المجاهد الإمام الخمينيّ قدسسره في تهذيب الاصول ، حيث منع لزوم الغفلة عن اللفظ حين