الاستعمال دائما. (١)
ومنها : ما في المحاضرات من أنّ الوضع سواء كان بمعنى التعهّد والالتزام النفسانىّ أو بمعنى اعتبار نفسانيّ على تمام أنحائه في مرتبة متقدّمة على الاستعمال. أمّا على الأوّل فواضح ضرورة أنّ التعهّد والتبانيّ بذكر لفظ خاصّ عند إرادة تفهيم معنى ما يكون مقدّما على الاستعمال لا محالة من دون فرق بين أن يكون إبراز هذا التعهّد بمثل كلمة وضعت أو نحوها الدالة على التعهّد بالمطابقة أو يكون المبرز نفس الاستعمال الدالّ على ذلك بالالتزام بمعونة القرينة. وأمّا على الثاني فلأنّ اعتبار الملازمة أو نحوها بين لفظ خاصّ ومعنى ما مقدّم على الاستعمال بالضرورة وإن كان المبرز لذلك الاعتبار نفس الاستعمال مع نصب القرينة على ذلك وكيف كان فالاستعمال متأخّر عن الوضع لا محالة ونظير ذلك الهبة فإنّه تارة يبرزها بجملة : وهبتك ، الدالّة عليها بالمطابقة واخرى يبرزها بجملة : خذ هذا الثوب ، مثلا ، الدالّة عليها بالالتزام. إلى أن قال : وعليه فالوضع يحصل قبل الاستعمال فإذا كان كذلك فالاستعمال استعمال في الموضوع له. ثمّ لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ الوضع ليس عبارة عن مجرّد أمر نفسانيّ من تعهّد واعتبار ملازمة ونحو ذلك بل للإبراز دخل في حقيقة الوضع جزءا أو قيدا وبدونه لا يتحقّق الوضع. إلى أن قال : فلا يكون هذا الاستعمال استعمالا في غير ما وضع له ... (٢)
وفيه : أنّ مجرّد الأمر النفسانيّ من دون دخالة الألفاظ أو ما يقوم مقامها لا اعتبار به في الإنشاءات والاعتباريّات. ومن المعلوم أنّ الوضع الذي هو إيجاد العلاقة والارتباط بين اللفظ والمعنى من الامور الاعتباريّة كالبيع والإجارة الّتي ونظائرهما من الامور لا تتحقّق بدون الألفاظ وما يقوم مقامها وعليه فالوضع ليس نفس التّعهد
__________________
(١) تهذيب الاصول : ١ / ٦٥.
(٢) المحاضرات : ١ / ١٢٧ ـ ١٢٩.