اللهم إلّا أن يقال : إنّ تبادر المعاني الشرعيّة المعتبرة عند شارعنا لا يثبت الوضع التعيينيّ الاستعماليّ بعد احتمال أن يكون منشأ التبادر هو كثرة الاستعمال مع تعدّد الدالّ والمدلول إلى أن يحصل الانس مع المراد فصارت ألفاظ العبادات متعيّنة فيها ومنصرفة إليها. بل جزم بذلك في نهاية الدراية حيث قال : لا ريب في أنّ كثيرا ما إفادة الخاصّ بدالّين في مقام الطلب وبيان الخواصّ والآثار والحكاية والمحاورات المتعارفة توجب اختصاص اللفظ بالمعنى الخاصّ في أيّام قلائل ومنع بلوغ الكثرة في لسان الشارع ومتابعيه إلى حدّ يوجب الاختصاص مكابرة واضحة. (١)
وعليه فالقول بالوضع الشرعيّ سديد وإن لم يعلم أنّه بالوضع الاستعماليّ أو بالوضع التعيّنى المظنون وقوعه. ولكن الانصاف هو الحكم بوقوع الوضع التعيينيّ الاستعماليّ في الجملة كاستعمال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كلمة أهل البيت عليهمالسلام في خصوص أهل بيت النبوّة وهم الخمسة الطيّبة والأئمّة الأطهار من ولدهم عليهالسلام.
* * *
المقام الثالث : في ثمرة البحث :
قال في الكفاية : وأمّا الثمرة بين القولين فتظهر في لزوم حمل الألفاظ الواقعة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها اللغويّة مع عدم الثبوت وعلى معانيها الشرعيّة على الثبوت فيما إذا علم تأخّر الاستعمال. انتهى
فحينئذ إن علمنا تأخّر الاستعمال عن الوضع التعيينيّ أو التعيّنيّ حملت الألفاظ على المعانى الشرعيّة بلا كلام. وإنّما الكلام فيما إذا لم يعلم تأخّر الاستعمال ؛ ذهب في الكفاية
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٤٨.