اتّخذ المكشوف بهذه الآثار مسمّى للفظ الصلاة صار معنى الصلاة محصورا في بعض الأفراد النادرة وهو كما ترى.
وفيه : أنّه يمكن أن يراد أنّ الصلاة مقتضية للانتهاء عن جميع الفواحش والمنكرات وهذا الاقتضاء ثابت لطبيعة الصّلاة. نعم لو كان المراد من الأثر هو الأثر الفعليّ صحّ ما ذكر.
وثالثها : أنّ الأثر الذي يشار به إلى الجامع مبيّن في الشرع لا طريق إلى العلم به إن كان الواضع هو غير الشارع حتّى يجعله كاشفا عن الجامع البسيط وأما إن كان الواضع هو الشّارع فلا حاجة له إلى استكشافه بالأثر إذ الشارع عالم بالمسمّى.
وفيه : أنّ الإشارة بالأثر إلى الجامع ليس للواضع حتّى يرد عليه ما ذكر بل هي طريق استكشاف للمتشرّعة بعد عدم تصريح الواضع بمسمّى الصلاة كما هو المفروض.
ورابعها : أنّ المؤثّر في القرب والانتهاء هو الصلاة مع قصد القربة. فإن قيل بدخول قصد القربة في المسمّى فكيف يتعلّق به الأمر مع أنّ قصد القربة ناش عن الأمر ومتأخّر عن الأمر وما ذكر من التفصّي عن تعلّق الأمر بقصد القربة لا يصحّح ذلك لأنّه جعل قصد القربة خارجا عن متعلّق الأمر لا داخلا فيه وعليه فالصلاة بدون قصد القربة لا تكون مؤثّرة حتّى تكشف بالآثار. غايته أنّها قابلة للتأثير واللفظ موضوع لذات المؤثّر أو ما قام به الأثر واشير بالأثر إليهما وإن كان هو خلاف الظاهر لانسباق الأجزاء والشرائط من لفظ الصلاة مثلا.
وفيه : أنّ هذا الإشكال وارد على صاحب الكفاية على مختاره وإلّا فسيأتي إن شاء الله تعالى تصوير إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأوامر. (١)
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول ١ / ١٤٨.