المفاهيم فإنّها إن لوحظ معها قيد تضيّقت وإلّا فمع ورودها في مقام البيان اتّسعت وشملت جميع مواردها ولكن الأصل في المفاهيم من هذه الجهة هو عدم التقييد والتضييق لا عدم السعة وهو ينتج عكس المقصود كما لا يخفى. هذا مضافا إلى أنّ سعة وجود الكلّيّ في الخارج لا معنى له إذ الوجود الخارجيّ متشخّص ولا معنى لسعته إلّا على قول الرجل الهمدانيّ كما لا يخفى.
وممّا ذكر يظهر وجه الضعف فيما أفاده في المقالات على تقدير كون المتكثّرات الخارجيّة من محقّقات الأمر البسيط حيث قال : مع أنّه على فرض المتكثّرات الخارجيّة من محقّقات الأمر البسيط نقول : من الممكن ازدياد الأمر البسيط بزيادة محقّقه وقلّته بقلّته ولازمه أيضا عند الشكّ في دخل الزائد لزوم الشكّ في سعة الأمر البسيط أم ضيقه ولا قصور في جريان البراءة في مثله وما قرع سمعك من جريان الاشتغال عند الشكّ في محقّق الأمر البسيط إنّما هو في صورة تعيين حدود الأمر البسيط بلا إبهام في مثله بنحو تردّد أمره بين الزائد والناقص أصلا وأين مقامنا من هذا. (١)
لما عرفت من أنّ التوسعة والضيق بمعنى الكثرة والقلّة لا مجال لهما في المفاهيم وبمعنى الإطلاق والتقييد لا يفيد الأصل إلّا الإطلاق وهو ينتج عكس المقصود فافهم واغتنم.
ثالثها : ما ذكره الفقيه الهمدانيّ في مصباح الفقيه حاصله على ما ببالي أنّه إذا فرضنا أنّ الشكّ في محصّل الأمر البسيط فليس الاحتياط واجبا إلّا فيما إذا كان المحصّل غير شرعيّ وأمّا إذا كان المحصّل شرعيّا كالغسل والوضوء والصلاة فللبراءة مجال لأنّ أمر بيانه بيد الشارع فحيث لم يصل البيان إلينا وشككنا في جزئيّة شيء أو شرطيّته فمقتضى القاعدة هو البراءة إذ لو كان المشكوك جزءا أو شرطا لوصل إلينا من ناحية
__________________
(١) نفس المصدر.