ويقرب منه ما في نهاية الدراية من أنّ مبنى هذا الوجه على الاكتفاء بجامع الصحيحيّ لا بيان الجامع للأعمّيّ فلا يرد عليه غير ما يرد على الصحيحيّ نعم يمكن أن يورد عليه بمنافاته لغرض الأعمّيّ على أيّ حال إذ لو لم يصل الاستعمال إلى حدّ التعيّن كان الظهور الاستعماليّ في الصحيح حجّة فالأعمّيّ كالصحيحيّ ولو وصل إليه لزم الاشتراك اللفظيّ والالتزام بمجرّد المعنى الصحيحيّ مع أنّه أولى بالصدق باطل. (١)
حاصله أنّ الأعمّيّ في كلتا الصورتين من تحقّق الظهور وعدمه لا يصل إلى الجامع بين الصحيح والفاسد فهذا الوجه لا يفيد بحاله على جميع التقادير.
الوجه الخامس :
وهو أنّ حال ألفاظ العبادات حال أسامي المقادير والأوزان وتصويره كما في الكفاية أن تكون ألفاظ العبادات حالها حال أسامي المقادير والأوزان مثل المثقال والحقّة والوزنة إلى غير ذلك ممّا لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة فإنّ الواضع وإن لاحظ مقدارا خاصّا إلّا أنّه لم يضع له بخصوصه بل للأعمّ منه ومن الزائد والناقص أو أنّه وإن خصّ به أوّلا إلّا أنّه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية أنّهما منه قد صار حقيقة في الأعمّ ثانيا.
أورد عليه في الكفاية بأنّ الصحيح كما عرفت في الوجه السابق يختلف زيادة ونقيصة فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد والناقص بالقياس عليه كي يوضع اللفظ لما هو الأعمّ فتدبّر جيّدا.
وفيه ما مرّ من أنّ الفرد الصحيح أو الماهية الصحيحة غير متبدّلين فيمكن أن يلحظ الزائد والناقص بالقياس عليه. فالأولى هو أن يقال في جواب هذا التصوير أنّه
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٦٧.