إن لاحظ الواضع الفرد الصحيح ووضع اللفظ بإزائه ثمّ استعمل اللفظ في غيره بعناية حتّى يتحقّق الانس فلا فرق بينه وبين الوجه الرابع فيرد عليه ما اورد عليه وهكذا إن لاحظ ماهيّة الصحيح ووضع اللفظ بإزائها ثمّ استعمل اللفظ في غيرها من الصلوات الباطلة بعناية حتّى يتحقّق الانس بين اللفظ والمستعمل فيه.
وأمّا إن اريد بهذا الوجه هو أنّا إذا رأينا أنّ اللفظ حقيقة في الزائد والناقص في الجملة أيضا ككونه حقيقة في المقدار الخاصّ نكشف عن كون اللفظ حقيقة في الأعمّ لا في خصوص المقدار الخاصّ كما اشير إليه بقوله : فإنّ الواضع وإن لاحظ مقدارا خاصّا إلّا أنّه لم يضع له بخصوصه بل للأعمّ منه ومن الزائد والناقص. ففيه : أوّلا : أنّ كون اللفظ حقيقة في غير المقدار الخاصّ من الزائد والناقص في الجملة ممنوع بل هو مستعمل فيهما مسامحة ويشهد له هو مداقّة الناس في المقادير والأوزان إذا كان الموزون من الذهب والفضّة وغيرهما من الأشياء النفيسة وثانيا : أنّ استعمال اللفظ فيهما بنحو الحقيقة كاستعماله في المقدار الخاصّ يمكن أن يكون من باب الاشتراك اللفظيّ فلا يكون ذلك كاشفا عن وضع اللفظ للأعمّ. وثالثا : أنّ المسلّم في أمثال المقادير والأوزان صدقها على الناقص بيسير لا على الناقص بكثير كما فيما نحن فيه فالدليل على فرض الصحّة أخصّ من المدّعى كما صرّح به المحقّق الأصفهانيّ قدسسره في تعليقته على الكفاية. (١)
فتحصّل من جميع ما تقدّم إمكان تصوير الجامع على القول الأعمّيّ بالوجه الأوّل.
الجهة الثامنة في عموميّة الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات :
ولا يخفى أنّ الظاهر أن يكون الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات عامّين
__________________
(١) نفس المصدر.