دفع الإشكال بالأخذ بظاهر الحال
أجاب عنه في الهداية بأنّ مجرّد احتمال كون التبادر المذكور ناشئا من الخارج غير رافع للاستدلال إذ لو كان انفتاح أبواب الاحتمالات باعثا على المنع من الأخذ بالظاهر في مباحث الألفاظ لانسدّ إثبات الأوضاع بالتبادر أو غيره في سائر المقامات. وظاهر الحال هنا استناد التبادر إلى نفس اللفظ إذ ليس ذلك من جهة شيوع الصحّة إذ الفاسدة أكثر منها أو كثير ولا من جهة شيوع استعمالها فيها إذ قلّة استعمالها في الفاسدة على فرضها بحيث يوجب صرف الإطلاق عنها لو كانت حقيقة فيها غير ظاهر لإطلاقها كثيرا على الفاسدة أيضا ولا من جهة انصراف المطلق إلى الفرد الكامل وإلّا لانصرفت إلى الفرد الكامل الجامع لمعظم الآداب والمندوبات ومن البيّن خلافه. (١)
عدم صحّة رفع المذكور
وفيه اوّلا : أنّ انسداد إثبات الأوضاع بالتبادر أو غيره لو كان الاحتمال المذكور باعثا على المنع ، ممنوع لكثرة موارد العلم بكون التبادر أو غيره مستندا إلى حاقّ اللفظ ألا ترى أنّ ألفاظ أسماء الأجناس كالماء والخبز واللبن والجبن وغيرها متبادرة معناها ولا احتمال لاستناد التبادر فيها إلى غير حاقّ اللفظ كما لا يخفى.
وثانيا : أنّ التبادر من نفس اللفظ يمكن أن يكون ناشئا من جهة القرينة العامّة أو الدوالّ الاخرى كتعلق الأوامر بألفاظ العبادة فإنّ مع وجود هذه القرينة لا يتبادر منها إلّا الصحيحة منها. إذ الشارع لا يأمر ولا يطلب إلّا الصحيحة فبهذه القرينة كلّ ما يطلق عليه المتعلّق بسبب كونه واجدا للأجزاء والشرائط المطلوبة فهو صحيح كما أنّ كل ما خرج عن المتعلّق بسبب فقدان بعض الأجزاء والشرائط فهو فاسد بنحو ما مرّ
__________________
(١) نفس المصدر.