ومال إليه المحقّق الأصفهانيّ قدسسره حيث قال إنّ أخبار الخواصّ تجدي للصحيحيّ من حيث الأجزاء بل مقتضى النظر الدقيق هو الوضع للأعمّ لأنّ المقتضي لتلك الآثار نفس المراتب المتداخلة وحيثيّة الصدور غير دخيلة في الاقتضاء فالأخبار المتقدّمة بالأخرة دليل للأعمّيّ. (١)
وفيه أنّه وإن تمّ من جهة عدم إفادة مدّعي الصحيحيّ ولكن لا يخلو عن إشكال من جهة أنّ كلّ فاسد لا يكون قابلا للضميمة حتّى يكون مقتضيا للآثار وداخلا في موضوع الأخبار كالمأتيّ به رياء ، نعم يصحّ ذلك بالنسبة إلى بعض أفراد الفاسد ، كما أنّ الفاسد لا يختصّ بما إذا كان فاقدا لشرائط التأثير بل هو أعمّ ممّا يكون فاقدا لبعض الأجزاء والشرائط الداخليّة ، فالاستدلال بتلك الأخبار للأعمّيّ أخصّ من مدّعى الأعمّيّ.
الخامس : حكمة الوضع وهي على ما في تقريرات الشيخ قدسسره أنّا إذا راجعنا وجداننا بعد تتبّع أوضاع المركّبات العرفيّة والعادية واستقرائها وفرضنا أنفسنا واضعين للفظ لمعنى مخترع مركّب نجد من أنفسنا في مقام الوضع عدم التخطّي عن الوضع لما هو المركّب التامّ. فإنّه هو الذي يقضي حكمة الوضع وهي مساس الحاجة إلى التعبير عنها كثيرا والحكم عليها بما هو من لوازمه وآثاره أن يكون موضوعا له. وأمّا استعماله في الناقص فلا نجده إلّا مسامحة تنزيلا للمعدوم منزلة الموجود فإنّ الحاجة ماسّة إلى التعبير عن المراتب الناقصة أيضا وليس من دأبهم أن يضعوا لها بأجمعها أسماء مخصوصة كما هو المتعارف في الأوضاع فتوسّعوا في إطلاق اللفظ الموضوع للتمام على تلك المراتب الناقصة من باب المسامحة والتنزيل فليس هناك إلّا مجاز في أمر عقليّ ويرشدك إلى ما ذكرنا ملاحظة استعمال لفظ الإجماع في الاصطلاح على الكاشف عن قول الحجّة مع
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٧١.