دون عناية وملاحظة علاقة فتدبّر جيّدا.
الثالث : استكشاف الأعمّ من عدم تبادر الصحيح والفاسد : قال في نهاية النهاية : يكفي للمستدلّ أن يستدلّ بعدم تبادر خصوص الصحيح فإنّه أمارة المجاز في خصوص الصحيح وحيث لم يكن خصوص الفاسد أيضا متبادرا بل لا يحتمل الوضع لخصوصه فيستكشف من ذلك أنّ الموضوع له ليس خصوص هذا ولا خصوص ذلك وأنّ هناك جهة جامعة بين القسمين هي الموضوع له فبالطريق المذكور يمكن أن يستدلّ على إثبات أصل وجود الجامع ثمّ إثبات الوضع له. (١)
ولكن أنّى لنا بإثبات وجود ذلك في صدر الإسلام وعهد الشارع ولعلّه صار هكذا بالإطلاق والاستعمال في مرور الزمان والمفروض انّه لا أصل لنا فيه.
وممّا ذكر يظهر ما في المحاضرات أيضا حيث قال : إنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة هو أنّ إطلاق لفظ الصلاة على جميع أفرادها الصحيحة والفاسدة على نسق واحد من دون لحاظ عناية في شيء منها فلا فرق بين قولنا : صلّى صلاة صحيحة او تلك الصلاة صحيحة وبين قولنا : فلان صلّى صلاة فاسدة او هذه الصلاة فاسدة وهكذا. وحيث أنّ الاستعمالات المتشرّعة تابعة للاستعمالات الشرعيّة فتكشف تلك عن عموم المعنى الموضوع له عند الشارع المقدّس أيضا. (٢)
لما عرفت من أنّ التبعيّة في الاستعمالات لا يلازم وضع الشارع للأعمّ لإمكان أن يكون استعمال الشارع في الأعمّ من جهة القرينة ثمّ صار اللفظ بالتكرّر والاستعمال حقيقة في الأعمّ وبالجملة لا يتمّ الاستدلال بالتبادر أو صحّة السلب أو بعدم تبادر الصحيح والفاسد لعدم إمكان إثبات تلك الامور في عهد الشارع فلا تغفل.
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ٤٣.
(٢) المحاضرات ١ / ١٦٩.