وإن أمكن إسنادهما إليها من باب : زيد أبوه قائم. فالمأمور به على ما هو عليه من الملاك والزيادة والنقصان من ناحية أمر آخر أو نهي آخر ولا ارتباط لهما بأصل الطبيعة وعليه فالقول بأنّ العبادة المكروهة أقلّ ثوابا ، لا يخلو عن إشكال بعد ما عرفت من أنّ طبيعة المأمور به باقية على ما هو عليها من الملاك وإنّما قلّة الثواب من ناحية عدم امتثال الخطاب الآخر فإسناد قلّة الثواب إلى طبيعة المأمور به ليس على ما هو عليه فلا تغفل.
وممّا ذكر يظهر ما في تعليقة الأصفهانيّ قدسسره حيث ذهب إلى أنّ اعتبار المشخّصيّة من فضيلة الطبيعة وكمالها من شئونها وأطوارها لا أنّها شيء بحيالها فيكون المشخّصات التي لا تلاحظ في قبالها. فالقنوت ليس بعض ما يفي بالغرض الأوفى بل القائم به نفس طبيعة الصلاة لا مطلقا بل عند تحقّق القنوت فيها حيث أنّ القنوت كمال للصلاة وقد عرفت أنّ كمال الشيء لا يحسب في قباله بل كالمشخّص له ومن شئونه وأطواره فاتّضح أنّ اعتبار المشخّصيّة على أيّ وجه وهو أنّ الشارع لم يأخذه في حيّز الطلب الوجوبيّ ولم يكن ممّا يفي بالغرض بل إنّما ندب إليه لكونه كمالا للصلاة مثل فالصلاة المشتملة عليه أفضل حيث أنّها أكمل. (١)
وذلك لأنّ إسناد جزء الفرد إلى الطبيعة وجعله كمالا لها ليس على ما هو عليه لما عرفت من أنّ الطبيعة المأمور بها باقية على ما هي عليها ولا يوجب جزء الفرد مزيّة أو نقصانا فيها.
هل يرجع ما له دخل في الفرد إلى الطبيعة
وأضعف ممّا ذهب إليه صاحب الكفاية ما في نهاية الاصول من أنّ الظاهر رجوع جزء التشخّص والفرد وشرطه إلى نفس الطبيعة أيضا ولكن بحسب بعض مراتبها
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٨٢.