موضوع أحكام أخر نقول هذا من ألفاظ العبادات وحيث ثبت أنّ ألفاظ العبادات موضوعة لخصوص الصحيح فمدلولها خصوص الصحيح أو حيث أنّها موضوعة للأعمّ فمدلولها هو الأعمّ. وإذا عرفت الامور المتقدّمة فقد حان الوقت لملاحظة أدلّة الصحيحيّ وادلة الأعميّ.
أدلّة الصحيحيّ
ولا يخفى عليك أنّ أدلّة الصحيحيّ فهي متعدّدة ؛ منها : التبادر بتقريب أنّه إذا قيل لك صلّيت الصبح أو صمت الجمعة أو توضّأت أو اغتسلت للصلاة لم ينصرف إلّا إلى الصحيحة ولا يحمل على الفاسدة إلّا بالقرينة وذلك من أقوى الأمارات على كونها حقيقة في ماهيّة هيئة الصلاة الجامعة للأجزاء والشرائط.
اورد عليه بأنّه ليس كلّ تبادر أمارة على الحقيقة بل ما لا يكون لغير اللفظ فيه مدخليّة فإن انسبق المعنى من اللفظ بمجرّد إطلاقه من غير ملاحظة شيء من الامور الخارجيّة دلّ ذلك على خصوص الوضع له وأمّا إذا انضمّ إليه شيء آخر لم يكن ذلك دليلا على كونه حقيقة فيه إذ لا ملازمة بين الفهم المذكور والوضع.
ألا ترى أنّ المتبادر من سائر العقود كالبيع والإجارة والمزارعة والمساقات وغيرها إذا اطلقت هو الصحيحة مع أنّها تكون موضوعة للأعمّ.
والشاهد لذلك صحّة الجمع بين هذين القولين : رأيت فلانا يصلّي ، ولا يكون صلاته صلاة صحيحة وعدم صحّة الجمع بين هذين القولين : رأيت فلانا يصلّي ولا يصلّي للمناقضة في الثاني دون الأوّل ، هذا دليل على أنّ المراد بالصلاة المطلقة هو الأعمّ من الصحيح والفاسد وإلّا فلا فرق بين الإطلاق والتقييد في عدم جواز الجمع لوجود المناقضة في الصورتين.
وعليه فتبادر الصحيح من جهة استناد العمل إلى نفسه في مثل قوله صلّيت الصبح