الأعداد فإنّ موادّها وإن كانت آحادا معيّنة من الواحد إلى العشرة إلّا أنّ تركّبها منها يوجب تعدّدها إلى عدد غير متناه مع أنّه لم يزد على كلّ مرتبة من مراتبها إلّا عدد واحد وتفاوت كلّ مرتبة من مرتبة اخرى بذلك الواحد فإذا اضيف إليها ذلك صارت مرتبة اخرى ... وهكذا تذهب المراتب إلى غير النهاية فالنتيجة أنّ الألفاظ غير متناهية كالمعاني والأعداد ... إلى أن قال : وكيف كان فقد ظهر من جميع ما ذكرناه أنّ الاشتراك ليس بواجب ولو سلّمنا إمكان وضع الألفاظ للمعاني غير المتناهية لعدم تناهي الألفاظ أيضا. (١)
وفيه : منع واضح بعد التزام أهل كلّ لغة بعدم التجاوز عن التراكيب الخاصّة المتعيّنة كالثنائيّ والثلاثيّ والرباعيّ والخماسيّ في اللغة العربيّة وبعد الالتزام باصول مقرّرة في كيفيّة انضمام الحروف بعضها مع البعض وغير ذلك من الامور اللازمة في المكالمات والمحاورات العرفيّة. فمقتضى مراعاة هذه الضوابط والاصول المقرّرة هو تضييق باب الألفاظ وتناهيها وعليه فمنع تناهي الألفاظ لا وجه له. فتحصّل أنّ الاستدلال للوجوب بتناهي الألفاظ وعدم تناهي الأعلام الشخصيّة والمعاني الكلّيّة الشاملة للاختراعيّات والاعتباريّات والانتزاعيّات تامّ. كما صرّح به المحقّق العراقيّ قدسسره في المقالات. فحينئذ تمسّ الحاجة إلى الاشتراك وحيث لم يكن دأب أهل المحاورة وديدنهم على إفادة المرادات بنحو الكلّيّ مع تعدّد الدالّ والمدلول فلا بعد في دعوى وجوب الاشتراك ولزومه بل يكفي في دعوى وجوب الاشتراك عدم تناهي الأعلام الشخصيّة وإن لم يكن المعاني الكلّيّة غير متناهية بعد عدم البناء على إفادة المرادات بتعدّد الدال والمدلول.
ثمّ إنّ منشأ الاشتراك على ما عرفت من الاستدلال للوجوب واللزوم واضح وهو
__________________
(١) المحاضرات ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.