لعدم الملازمة بين الاستقلال في الإرادة الاستعماليّة والاستقلال في الحكم والنفي والإثبات وتوضيح ذلك أنّ مفاد لفظ العشرة مثلا وإن كان وحدانيّا ملحوظا بلحاظ واحد ومرادا استعماليّا بإرادة واحدة لكنّه مع ذلك ربما يكون الحكم المرتّب عليه بلحاظ كلّ واحد على نهج العموم الافراديّ كما إذا قيل : هؤلاء العشرة علماء أو واجب الإكرام. وربما يكون الحكم المرتّب عليه بلحاظ المجموع على حدّ العموم المجموعيّ كما إذا قيل : هؤلاء العشرة يحملون هذا الحجر العظيم ... إلى أن قال : وكذلك العامّ الاستغراقيّ كالعلماء فإنّ الحكم المرتّب عليه معقول على الوجهين وكما أنّ الجمع في اللحاظ لا يقتضي وحدة الحكم كذلك التفريق في اللحاظ لا يستدعى تعدّد الحكم بالنسبة إلى كلّ ملحوظ كما إذا رتّب حكما واحدا على زيد وعمرو معا كما عرفت في العامّ الاستغراقيّ واستعمال اللفظ في المعنيين لا يزيد على استعماله فيهما مرّتين. انتهى موضع الحاجة منه. (١)
* * *
* المقام الثاني :
أنّه يستدلّ على الامتناع بوجوه :
فناء اللفظ في المعنى لا يمكن إلّا في معنى واحد
منها : ما ذكره في الكفاية وحاصله أنّ الاستعمال ليس من باب جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى بل هو من باب جعل اللفظ وجها للمعنى وعنوانا له فكما أنّ الوجه والعنوان فانيان في ذي الوجه والمعنون كذلك اللفظ يكون فانيا في المستعمل فيه بل
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٨٦.