الجعل لأنّه هناك يعتبر الواضع الاتّحاد بين طبيعيّ اللّفظ والمعاني المختلفة بالنوع أو بالشخص ففي الحقيقة مرجع ذلك الجعل والاعتبار إلى أنّ كلّ وجود من وجودات هذه اللفظة متّحد مع معنى من هذه المعاني وهذا غير مقام الاستعمال حيث أنّه يوجد وجودا واحدا من طبيعيّ اللفظ ويجعله وجودا تنزيليّا لهذا المعنى ويفنيه فيه ويلقي المعنى بإلقائه وليس وجود آخر في البين حتّى يلقي المعنى الآخر بإلقائه. انتهى موضع الحاجة منه. (١)
وفيه أوّلا : أنّ الاستعمال ليس إلّا التكلّم بالدالّ على المعنى بحسب الوضع أو بحسب القرائن لا إيجاد المعنى في الخارج باللفظ وعليه فاعتبار وجود اللفظ وجودا للمعنى أو اعتبار الهوهويّة والتنزيل بينهما خارج عن حقيقة الاستعمال ويحتاج إلى مئونة زائدة ولا التفات للمتكلّم إليها ولا شاهد ولا دليل عليه وسراية الحسن والقبح من المعنى إلى اللفظ لازم أعمّ لإمكان أن يكون ذلك من جهة الارتباط الأكيد الحاصل بالوضع بين اللفظ والمعنى لا من جهة الهوهويّة والتنزيل بينهما فلا يكون السراية من شواهد الاعتبارات المذكورة كما لا يخفى.
وثانيا : كما في تهذيب الاصول أنّ مبنى ما ذكر ما هو عن بعض أهل الذوق من أنّ الوجود اللفظيّ من مراتب وجود الشيء وهو إن صحّ ليس معناه إلّا كونه موضوعا للمعنى ومرآتا له بالمواضعة الاعتباريّة وعليه لو كان الموضوع له متعدّدا أو المستعمل فيه كذلك لا يلزم منه كونه ذا وجودين أو كونه موجودين إذ المفروض أنّه وجود تنزيليّ واعتباريّ وهو لا يوجب التكثّر في الوجود الواقعيّ فكون شيء وجودا تنزيليّا لشيء لا يستنبط منه سوى كونه بالاعتبار كذلك لا بالذات والحقيقة. (٢)
__________________
(١) منتهى الاصول ١ / ٧٠ ـ ٧١.
(٢) تهذيب الاصول ١ / ٩٦.