البطون عبارة عن المعاني المختلفة والمراتب المتفاوتة التي تستفاد من الآيات بحسب اختلاف مراتب الناس ودرجاتهم فإنّ أرباب النفوس الكاملة يستفيدون من الآيات الشريفة ما لا يخطر ببال المتوسّطين فضلا عن العوامّ وأرباب النفوس الناقصة. فالبطون السبعة أو السبعون إشارة إلى اصول المراتب الكماليّة لنفوس البشر التي باختلافها تختلف مراتب الاستفادة من الآيات القرآنيّة فافهم. (١)
وأضف إلى ذلك احتمال أن يكون البطون هي المعاني التي أرادها الله تعالى من تركيب خاصّ من الحروف المهموسة أو تركيب خاصّ من الحروف الأبجد التي لا يعلمها إلّا الراسخون في العلم لا من استعمال الألفاظ المستعملة في معانيها الظاهريّة وعليه فيتعدّد الدالّ والمدلول كما لا يخفى وكيف كان فأمر البطون على كلّ تقدير خارج وأجنبيّ عن استعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد.
* * *
المقام الرابع : في ثمرة البحث :
إذا عرفت ذلك كلّه وظهر لك إمكان استعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد وأحرزت أنّ المتكلّم في مقام البيان وأطلق لفظ المشترك وجب حمل المشترك عند الإطلاق على جميع معانيه إذا لم يأت في الكلام ما يعيّن بعض المعاني.
قال في نهاية الاصول : ثمّ اعلم أنّه على فرض القول بجواز استعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد عقلا ووضعا وجب حمل المشترك عند الإطلاق على جميع معانيه إذا لم يكن في البين ما يعيّن بعضها وذلك لما عرفت من كون هذا النحو من الاستعمال على فرض جوازه بنحو الحقيقة والمفروض عدم وجود قرينة معيّنة فلا محالة يكون المراد
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ٥٦.