المفهوم اللغويّ التصوّريّ يتّضح لك أنّ المراد بالحال في العنوان ليس زمان الجري والإطلاق ولا زمان النطق ولا النسبة الحكميّة لأنّ كلّ ذلك متأخّر عن محلّ البحث ودخالتها في الوضع غير ممكنة وبما أنّ الزمان خارج عن مفهوم المشتقّ لا يكون المراد زمان التلبّس بل المراد أنّ المشتقّ هل وضع لمفهوم لا ينطبق إلّا على المتّصف بالمبدإ أو لمفهوم أعمّ منه. (١)
ويمكن تأييد خروج الزمان عن مفهوم المشتقّ سواء كان زمان النطق أو زمان التلبّس أو زمان الجري والحمل باتّفاق أهل العربيّة على عدم دلالة الاسم على الزمان ومنه الصفات الجارية على الذوات والمراد أنّه لو كان المراد من الحال في عنوان المسألة هو حال النطق أو زمان التلبّس أو زمان الجري والحمل كان النزاع لا محالة في دلالة المشتقّ على زمان النطق وعدمه وزمان التلبّس وعدمه وزمان الجري وعدمه فلا ينعقد اتّفاق من أهل العربيّة على عدم دلالة الاسم على الزمان.
واشتراط العمل في اسمي الفاعل والمفعول بالدلالة على زمان الحال أو الاستقبال بالقرينة لا ينافي عدم دلالة الاسم على الزمان بالوضع كما يشهد له اتّفاقهم على كون استعماله في خصوص زمان الاستقبال مجازا مع أنّه لو كان موضوعا لهما لكان حقيقة في أحدهما لأنّه استعمال فيما وضع له ويشهد له أيضا اتّفاقهم على كونه حقيقة في مثل زيد كان قائما بالأمس أو زيد سيكون ضاربا ونحو ذلك مع أنّه لو كان زمان النطق داخلا في مفهوم المشتقّ لزم التجوّز في هذه الأمثلة ونظائرها لحاجته إلى تجريده حينئذ عمّا يكون دخيلا في معناه من زمان النطق.
وعليه فالأوصاف المشتقّة لا تدلّ على الزمان أصلا لا بنحو الجزئيّة ولا بنحو القيديّة لا على زمان النطق ولا على زمان التلبّس ولا على زمان الجري والحمل بل
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١١٢.