كالقيام ويكون الانقضاء فيها برفع اليد عن تلك الأفعال ولو آناً ما.
ومنها : ما يكون من قبيل الملكة والقوّة والاستعداد كما في المجتهد والمفتاح والانقضاء فيها لا يكون إلّا بزوال القوّة والملكة والاستعداد فما دامت قوّة الاستنباط موجودة في المجتهد واستعداد الفتح موجودا في المفتاح فالتلبّس فعليّ وغير زائل.
ومنها : ما يكون من قبيل الحرفة كما في الخيّاط والنجّار ويكون التلبّس بها بأخذ تلك المبادئ حرفة أو صنعة والانقضاء فيها إنّما يكون بترك هذه الحرف فما دام لم يتركها ولم يعرض عنها فالتلبّس فعليّ وإن لم يشتغل بها فعلا بجهة من الجهات.
ثمّ إنّ اختلاف المذكور في المبادئ محقّق مع قطع النظر عن الجري والحمل فإنّ ألفاظ المشتقّات بمفهومها التصوّريّة تفيد هذه المعاني فلا وجه لاستناد هذا الاختلاف إلى الجري والحمل كما يظهر من تعليقة الأصفهانيّ حيث قال : إنّ معاني هذه المشتقّات كسائر المشتقّات في استعمالها في المعاني الحدثيّة وإنّما الاختلاف في الجري والحمل على الذوات فإنّ هذه المشتقّات في مثل قولنا : هذا مسلخ أو هذا مسجد أو هذا مفتاح ، تجري بلحاظ القابليّة والاستعداد كما أنّ الكاتب يجري على الإنسان في مثل قولهم : الانسان كاتب بالقوّة بغرض بيان اقتضاء الإنسان لهذا المعنى بالقوّة لا بالفعل وأمّا مفهوم المشتقّ مستعمل في معناه لا فيما له الكتابة بالقوّة في المثال الثاني ولا فيما له قابليّة الفتح أو الكنس أو فيما له استعدادهما في الأوّل. (١)
وذلك لتبادر الاختلاف المذكور من نفس الألفاظ المشتقّات بمفهومها التصوّريّة قبل أن تحمل وتجري في القضايا فلا وجه لاستنادها إلى غير نفس المشتقّات كما لا يخفى. بل ليس ذلك إلّا لإشراب هذه المعاني في ناحية المبادئ فالتلبّس والانقضاء في كلّ واحد بحسبه.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ١٠٧.