وأمّا ما في تعليقة الأصفهانيّ قدسسره من أنّ التصرّف في المادّة غير ممكن فلأنّ الآلة مثلا فاعل ما به الفتح في المفتاح وفاعل ما به الكنس في المكنس ولا معنى لكون الشيء فاعلا لقابليّة الفتح أو الكنس أو لاستعدادهما ، فلا معنى لإشراب القابليّة والإعداد والاستعداد في المادّة.
ففيه أنّ الظاهر من المفتاح والمكنس هو ما يعدّ للفاعل أن يكنس أو يفتح وليس المفتاح أو المكنس بنفسهما فاعلا وهذا المعنى أمر ممكن ومعقول.
ثمّ لا فرق في أن يكون الإشراب المذكور من ابتداء الوضع أو من ناحية استعمال الموادّ أو مجموع المادّة والهيئة فيه مجازا فشاع حتّى صارت حقيقة فيها وكيف كان فالمتبادر فعلا من المشتقّات هو اختلافها في المبادئ فالمبادئ مختلفة وإن لم تكن موضوعة لها في الابتداء ولكن تكون متعيّنة لها بالوضع التعيّنيّ ومن المعلوم أنّ التلبّس بها والانقضاء عنها يختلف باختلاف مباديها.
ولذلك قال في الكفاية : إنّ اختلاف المشتقّات في المبادئ وكون المبدأ في بعضها حرفة وصناعة وفي بعضها قوّة وملكة وفي بعضها فعليّا لا يوجب اختلافا في دلالتها بحسب الهيئة ولا تفاوتا في الجهة المبحوث عنها كما لا يخفى ، غاية الأمر أنّه يختلف التلبّس به في المضيّ أو الحال فيكون التلبّس به فعلا لو اخذ حرفة أو ملكة ولو لم يتلبّس به إلى الحال أو انقضى عنه ويكون ممّا مضى أو يأتي لو اخذ فعليّا فلا يتفاوت فيها أنحاء التلبّسات وأنواع التعلّقات كما أشرنا إليه. انتهى
ثمّ لا يخفى عليك أنّه حكي عن بعض المحقّقين إنكار اختلاف المبادئ من حيث القوّة والفعليّة قائلا بأنّ الأفعال المشتقّة من تلك المبادئ سواء كان فعل ماض أو مضارع أو أمر لا تستعمل إلّا في المعنى الحدثيّ بالوجدان مثلا : لا يستعمل اجتهد أو مجتهد أو اجتهد إلّا في الاستنباط الفعليّ الذي هو معنى حدثيّ أو في الجدّ والجهد ومطلق السعي وهو أيضا كذلك معنى حدثيّ وهكذا الحال في سائر الأفعال المشتقّة من سائر الموادّ