الإطلاق اللفظيّ وإثبات إطلاقه.
وأمّا ما في الكفاية من أنّه لا دليل على اعتبار أصالة عدم ملاحظة الخصوصيّة في تعيين الموضوع له ففيه منع لجريان أصالة الإطلاق وعدم الخصوصيّة لتشخيص المرادات ومع جريان ذلك الأصل في كلام الواضع أو فعله ، تعيّن مراد الواضع في كيفيّة وضعه فيتعيّن حينئذ حدود الموضوع له بجريان أصالة الإطلاق.
وممّا ذكر يظهر ما في كلام المحقّق الأصفهانيّ حيث قال في توضيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية من معارضة أصالة عدم الخصوصيّة بأصالة عدم ملاحظة العموم ، توضيحه : أنّ المفاهيم في حدّ مفهوميّتها متباينات فالعموم والخصوص في مرحلة الصدق ومع دوران الأمر بين الوضع لمفهوم أو لمفهوم آخر ليس أحدهما متيقّنا بالنسبة إلى الآخر ، فإنّ التيقّن في مرحلة الصدق لمكان العموم والخصوص لا دخل له بمرحلة المفهوم الذي هو الموضوع له فتدبّر جيّدا. (١)
حاصله : أنّه لا مجال للإطلاق والتقييد والعموم والخصوص في ناحية المفاهيم لكون الماهيّات والمفاهيم في حدّ مفهوميّتها متباينات والمفروض أنّ الواضع ناظر إلى المفاهيم لا مرحلة الصدق.
وذلك لما عرفت من إمكان جريان أصالة الإطلاق في كلام الواضع أو فعله فإنّ ملاحظة اتّصاف الذات بعنوان بعض صفاته في الوضع معلوم وإنّما الشكّ في لحاظ خصوصيّة حال التلبّس واشتراط بقائه وعدمه ، وهو مجرى الأصل. هذا مضافا إلى أنّ ملاحظة المفهوم ليس بما هو مفهوم مع قطع النظر عن مرحلة صدقه ، بل الملحوظ هو المفهوم بما له أفراد ومصاديق فإرادة المفهوم الآخر كمفهوم القيد يوجب التقيّد في دائرة مصاديق المفهوم الأوّل فتدبّر.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ١١٢.