اللياقة للجلوس على كرسيّ الخلافة لعلوّ المنصب وعظم المعصية. (١)
ومنها : أن يقال إنّ إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام أجلّ شأنا من أن يسأل عن الله تعالى لذريّته بقوله ومن ذرّيّتي بعد قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) : أن يجعل ذرّيّته الذين كانوا من أوّل حياتهم إلى آخرها من الظالمين أو كانوا في أواخر عمرهم من الظالمين وعليه فالمناسب هو أن يسأل للذين كانوا من أوّل حياتهم إلى آخرها عادلين أو كانوا في أواخر عمرهم وفي زمن نيل الإمامة عادلين ، فأجاب الله تعالى إيّاه (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ومن المعلوم أنّ المنفيّ هو نيل الذين كانوا في أواخر عمرهم عادلين إلى مقام الإمامة فانحصر الإجابة للذين كانوا من أوّل عمرهم إلى آخره عادلين ، فهذه قرينة على اختصاص الظالمين بمن صدر منهم الظلم آناً ما فعنوان الظالمين مستعمل بلحاظ حال التلبّس ولو آناً ما لا بلحاظ حال الانقضاء.
قال في الميزان : إنّ هذا المعنى أعني الإمامة على شرافته وعظمته لا يقوم إلّا بمن كان سعيد الذات بنفسه إذ الذي ربما تلبّس ذاته بالظلم والشقاء فإنّما سعادته بهداية من غيره وقد قال الله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى). (٢)
وقد قوبل في الآية بين الهادي إلى الحقّ وبين غير المهتدي إلّا بغيره أعني المهتدي بغيره وهذه المقابلة تقتضي أن يكون الهادي إلى الحقّ مهتديا بنفسه وأنّ المهتدي بغيره لا يكون هاديا إلى الحقّ البتّة ... إلى أن قال : وبهذا البيان يظهر أنّ المراد بالظالمين في قوله تعالى : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، أنّ مطلق من صدر عنه ظلم ما من شرك أو معصية وإن كان في برهة من عمره ثمّ تاب وصلح ، و
__________________
(١) المحاضرات ١ / ٢٥٧ ـ ٢٦١.
(٢) يونس ، ٣٥.