بحسب حاقّ الواقع عند العقل بسيطا وغير قابل للتحليل أو لا يكون كذلك وعلّل ذلك بقوله : لأنّ البساطة اللحاظيّة في كلّ مدلول ومفهوم للفظ واحد ممّا لا يكاد يشكّ فيها ذو مسكة إذ البداهة قاضية بأنّ اللفظ وجود لفظيّ بتمامه لمفهومه ومعناه لا أنّه وجود لفظيّ لكلّ جزء من أجزاء معناه بتمامه وكون اللفظ وجودا لفظيّا لمعنى تركيبيّ لا يكون إلّا مع جهة وحدة فلا محالة لا ينتقل إلى المعنى التركيبيّ إلّا بانتقال واحد كما هو المحسوس بالوجدان في الانتقال إلى معنى الدار المؤلّفة من البيوت والسقف والجدران فاتّضح أنّ البساطة اللحاظيّة ممّا لم يقع لأحد فيها شكّ وريب وإنّما الكلام في البساطة الحقيقيّة من وجهين : أحدهما : ما هو المعروف الذي استدلّ له الشريف وهي البساطة من حيث خروج الذات عن المشتقّات وتمحّضها في مبدأ والنسبة. ثانيهما : ما ادّعاه المحقّق الدوانيّ من خروج النسبة كالذات عن المشتقّات وتمحّضها في المبدأ فقطّ وأنّ الفرق بين مدلول لفظ المشتقّ ومدلول لفظ المبدأ بالاعتبار والكلام في الثاني سيجيء. إن شاء الله تعالى (١).
وإليه ذهب في تهذيب الاصول أيضا حيث خصّص محلّ النزاع بالوجهين الأخيرين من الوجوه المذكورة هناك.
وفيه أنّ البساطة الحقيقيّة والعقليّة لا ربط لها بالمفهوم بما هو مفهوم بل هو من المباحث الفلسفيّة التي يبحث فيه عن حقائق الأشياء والمفروض في المقام هو البحث عن مفاهيم المشتقّات لغة وعرفا ودعوى بداهة الانتقال إلى المعنى التركيبيّ بالانتقال من البسيط غير واضحة وقابلة للبحث. وأمّا القول بأنّ الوحدة الإدراكيّة بعيدة عن كلمات القوم واستدلالاتهم كاستدلال المحقّق الشريف وغيره.
ففيه أوّلا : نمنع بعدها عن جميع الكلمات. وثانيا : أنّ كلام السيّد الشريف ليس إلّا
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ١٢٨.