الموضوع في القضيّتين هو المتّصف بالضحك أو العدالة وكذا الشأن فيما لو جعل محمولا كما في المثالين الأخيرين. لأنّ ملاك صحّة الحمل في الحمل الشائع هو الاتّحاد في الوجود والاختلاف في المفهوم ولا شكّ في عدم اتّحاد الضحك مع الإنسان وعدم اتّحاد العدالة مع زيد وجودا وإنّما المتّحد معهما هو المبهم المعنون بعنوان كالضحك والعدالة.
لا يقال : إنّ المشتقّ بناء على خلوّه عن الذات وإن لم يدلّ على الذات بالدلالة اللفظيّة إلّا أنّه يدلّ عليها بالملازمة العقليّة فبما أنّ دلالته على معناه مستلزمة للدلالة على الذات يصحّ أن يؤخذ موضوعا في القضيّة الحمليّة وموضوعا للحكم في القضيّة الإنشائيّة لاستلزامه الدلالة على ما هو موضوع القضيّة والحكم أعني به الذات بإشارة العنوان الاشتقاقيّ إليها أو مع دخله في الموضوعيّة كما في قولك : «صلّ خلف العادل» وكذلك الشأن في جعله محمولا فإنّ المحمول في القضيّة الحمليّة حقيقة هي الذات المبهمة المتجلّية بمبدإ الوصف العنوانيّ المتّحدة مع ذات الموضوع المشخّصة إلّا أنّ دلالته على الذات بالملازمة العقليّة فيما لو اخذ موضوعا للقضيّة الحلميّة أو للحكم أجلى منها فيما لو جعل محمولا للقضيّة الحمليّة لظهوره فيها في كون المحمول هو الوصف العنوانيّ (١).
لأنّا نقول : ظاهر القضايا هو كون الموضوع هو نفس المذكور كما أنّ ظاهرها هو أنّ المحمول هو نفس المذكور والمفروض هو خلوّ الموضوع والمحمول عمّا يصلح لذلك وجعل الموضوع والمحمول غير المذكور المدلول عليه بالدلالة العقليّة خلاف ظاهر القضايا ويحتاج إلى إعمال العناية كما لا يخفى.
لا يقال : ليس في نظير حمل موجود على الوجود أو مضيء على الضوء أو مضاف
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ١٧١ ـ ١٧٢.