ودعوى أنّ المشتقّ والمبدأ متّحدان في الحقيقة ومختلفان بالاعتبار حيث اعتبر المبدأ (بشرط لا) والمشتقّ (لا بشرط) فاسدة لما مرّ من أنّ المنساق والمتبادر من المشتقّ هو الأمر الوحدانيّ المعنون بعنوان دون المبدأ فإنّه لا يتبادر منه إلّا العنوان هذا مضافا إلى ما أيّدنا بأنّ الحمل لا يصحّ إلّا إذا كان مناط الحمل وهو الاتّحاد موجودا ولا اتّحاد بين الذات ونفس المبدأ فحمل المشتقّ على الذات يكشف عن كون معناه هو الأمر الوحدانيّ المعنون بعنوان وهذا الأمر الوحدانيّ يكون قابلا للتحليل إلى الذات والمبدأ وكيفيّة النسبة بينهما ولا يكون معناه العنوان المجرّد وإلّا لما أمكن الحمل ولو مع ملاحظة اعتبار اللابشرط كما لا يخفى.
الثالث في ملاك الحمل
ولا إشكال في اعتبار الاتّحاد والهوهويّة في صحّة الحمل ولو كان الاتّحاد المذكور من وجه. وأمّا إذا لم يكن بين الموضوع والمحمول اتّحاد لا يصحّ الحمل فيه لوجود المباينة المطلقة بين الموضوع والمحمول.
ثمّ إنّ الاتّحاد قد يكون بحسب المفهوم كالإنسان إنسان وهو حمل الشيء على نفسه ولا فائدة فيه إلّا دفع توهم إمكان سلب الشيء عن نفسه وقد يكون الاتّحاد بحسب الهوهويّة بالذات والحقيقة وهو ملاك الحمل الذاتيّ الأوّليّ والمغايرة حينئذ تكون بالاعتبار الموافق للواقع لا بالفرض كمغايرة حيوان ناطق مع الإنسان بالإجمال والتفصيل وهذا النوع من الحمل يسمّى حملا ذاتيّا أوّليّا.
واخرى يكون الاتّحاد بحسب الوجود والمصداق وإن كانا متغايرين بحسب المفهوم وهذا هو ملاك الحمل الشائع الصناعيّ والحمل فيه يرجع إلى كون الموضوع من أفراد المحمول ومصاديقه كقولنا : الإنسان ضاحك أم كاتب فإنّ مفهوم (الإنسان) مغاير لمفهوم الضاحك أو الكاتب ولكن كلّ ما صدق عليه الإنسان صدق عليه مفهوم