لتوقّف مرادات العقلاء أيضا على الجمع بين العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد ونحوهما ومع ذلك تكون من المسائل الاصوليّة فقيد «الممهّدة» في التعريف لا يكفي لإخراج هذه العلوم المذكورة.
ولذا ذهب بعض الأجلّة إلى أنّ الأولى تعريف علم الاصول «بأنّه العلم بالعناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط» ونقصد «باشتراك» صلاحيّة العنصر للدخول في استنباط حكم أيّ مورد من الموارد التي يتصدّى الفقيه لاستنباط حكمها مثل ظهور صيغة الأمر في الوجوب فإنّه قابل لأن يستنبط منه وجوب الصلاة أو وجوب الصوم وهكذا وبهذا تخرج أمثال مسألة ظهور كلمة الصعيد عن علم الاصول لأنّها عنصر خاصّ لا يصلح للدخول في استنباط حكم غير متعلّق بمادّة الصعيد. (١)
وهو أيضا لا يخلو عن المناقشة لأنّ كثيرا من المعاني المذكورة في اللغة كمعاني صيغة الفاعل والمفعول والفعيل والفعال والمفعال وغيرها ، لا تختصّ بعنصر خاصّ بل تجري في أيّ مادّة من الموادّ وهكذا القواعد النحويّة والصرفيّة والمنطقيّة والرجاليّة لا اختصاص لها بعنصر خاصّ بل جارية في جميع الموارد فقيد «العناصر المشتركة» أيضا لا يفيد في إخراج هذه العلوم. هذا مضافا إلى ما سيجيء من أنّ ظهور الأوامر والنواهي في الوجوب أو الحرمة أو ظهور المشتقّ في من تلبّس بالمبدإ ونحوها لا تكون من المسائل الاصوليّة وإن ذكرت فيها إذا المسائل الاصوليّة كبريات هذه الظهورات وهي حجّيّة الظهورات كما لا يخفى.
وأيّد في مصابيح الاصول تعريف المشهور بأنّ سائر العلوم لا يترتّب عليها وحدها حكم كبرويّ شرعيّ ولا توصل إلى وظيفة فعليّة ولو في مورد واحد بل دائما تحتاج إلى ضمّ مسألة اصوليّة إليها فمثل العلم بالصعيد وأنّه عبارة عن مطلق وجه
__________________
(١) دروس في علم الاصول / الحلقة الثانية / ٨.