ليست ممّا يستنبط بها الأحكام فإنّ الاصول الشرعيّة منها أحكام مجعولة في موضوع الشكّ كوجوب البناء على الحالة السابقة أو الحلّيّة في حال الشكّ كما أنّ حجّيّة الظنّ على الحكومة والاصول العقليّة منها كالحكم بالتخيير عند دوران الأمر بين المحذورين والحكم بالاحتياط عند العلم الإجماليّ بالحكم ليست إلّا حكم العقل ولا استكشاف فيها بالنسبة إلى الأحكام الشرعيّة كما لا يخفى.
وثانيها : ما ذهب إليه صاحب الدرر بعد عدوله عن التعريف المشهور من أنّه هو العلم بالقواعد الممهّدة لكشف حال الأحكام الكلّيّة الواقعيّة المتعلّقة بأفعال المكلّفين سواء تقع في طريق العلم بها كما في بعض القواعد العقليّة أو تكون موجبة للعلم بتنجّزها على تقدير الثبوت أو تكون موجبة للعلم بسقوط العقاب كذلك. فإنّ القواعد المذكورة كلّها إذا انضمّت إلى صغرياتها فالنتيجة الحاصلة تنفع بحال حكم شرعيّ آخر وراء نفسها إمّا لكونها طريقا علميّا لثبوته أو لا ثبوته وإمّا سببا لتنجّزه أو لا تنجّزه. (١) وبعبارة اخرى كما في تعليقة استاذنا العراقيّ مدّ ظلّه العالي أنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعيّ فإمّا أن يحصل له العلم أو الظنّ أو الشكّ فكلّ قاعدة تفيد استراحة خاطره من ناحية ذلك الحكم الشرعيّ تسمّى اصوليّة. (٢)
ولكن التعريف المذكور لا يخلو أيضا عن الإشكال كما أفاد الاستاذ مدّ ظلّه العالي في تعليقات الدرر وهو أنّه ينتقض طردا بقاعدة الطهارة حيث أنّها قاعدة معمولة في الشبهات الحكميّة مع أنّها ليست مدوّنة في الاصول وبعامّة الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة أو الأمارات كذلك ومنها أصالة الصحّة وقاعدة الفراغ وقاعدة اليد والبناء على الأكثر في الشكوك الصلاتيّة حيث أنّ كلّ ذلك من الفقه مع
__________________
(١) الدرر ١ / ٣١ ط جديد.
(٢) تعليقات الدرر ١ / ٢٣٩.