الخلاصة :
ولا يخفى عليك أنّ قضايا العلوم مركّبة من الموضوع والمحمول ومن المعلوم أنّ كلّ محمول عارض لموضوعه وحيث أنّ الموضوع مندرج تحت الموضوع الجامع الكلّيّ فعارضه عارض للموضوع الجامع الكلّيّ بواسطة عروضه لنوعه.
وحيث أنّ العوارض على أنحاء ؛ منها : العارض الذاتيّ الذي يعرض لذات الموضوع من دون وساطة شيء كقولنا في الاصول : الظهورات حجّة.
ومنها : العارض الذي يعرض لذات الموضوع بواسطة شيء كعروض الرفع لفاعل كقولنا : «كلّ فاعل مرفوع» ، بواسطة عروضه لآخر الكلمة فالفاعل مرفوع من باب توصيف الكلّ بوصف جزئه وليس ذاتيّا له وإلّا فليس الفاعل بتمام أجزائه مرفوع كما هو واضح بل الرفع عارض ذاتيّ لآخر الكلمة وعارض غير ذاتيّ للفاعل وهكذا في سائر موارد الإعراب وكعروض عوارض الأنواع بالنسبة إلى جنسها فإنّ عروض الأنواع بالنسبة إلى جنسها بواسطة أنواعه وليس ذاتيّا له.
ومعلوم أنّ كلّ واحد من الأنحاء المذكورة من أغراض مدوّن العلوم فلا وجه لإخراج العارض بالواسطة إذا كان موردا لغرض مدوّن العلم.
وعليه فتعريف موضوع كلّ علم بما في المنطق من «أنّه الذي يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة» لا يخلو عن المناقشة والنظر بعد كون عروض المحمولات للموضوع الجامع بواسطة عروضها لأنواعه وكون العوارض بالنسبة إلى جنس الأنواع أعراضا غريبة بعد ما عرفت من أنّ الإعراب عارض لآخر الكلمة ذاتا ومع ذلك يكون من عوارض الفاعل والمفعول ونظائرهما.
والقول بأنّ الموضوع هو العنوان الانتزاعيّ من موضوعات المسائل لا أنّه كلّيّ يتخصّص في مراتب تنزّله بخصوصيّات تكون تلك الخصوصيّات واسطة في عروض