مستحقّاً لذلك الجزاء خيراً كان أو شرّاً»(١).
وتَرِدُ الأداة (مَنْ) في دلالات سياقية متعدّدة منها «الترهيب والترغيب ، والدعاء ، والتهديد ، والتحذير ، وبيان العاقبة»(٢) ، وفي نصِّ الزيارة الجامعة الكبيرة استعملت هذه الأداة في التركيب الشرطي ، وكان لها الحضور الأكبر في النصّ ، إذ وردت في تسعة عشر موضعاً ، منها أحد عشر موضعاً على الترتيب الأصلي للجملة الشرطية ، وثمانية مواضع خالفت ذلك. ومن البديهي أن يكثر استعمال هذه الأداة في نصوص الزيارة ، ذلك أنّ الإمام عليهالسلام في مقام مخاطبة العقلاء من الأمّة عامّةً ، لغرض إرشادهم وتنبيههم على حقائق الأمور المبهمة عندهم ، غير القارّة في أذهانهم ، فقال عليهالسلام : «مَنِ اتَّبعكم فالجنّةُ مَأوَاهُ ، وَمَنْ خَالفكم فالنارُ مثواه ، وَمَنْ جَحَدَكُم كَافِرٌ ، وَمَنْ حَاربكم مُشْرِكٌ ، وَمَنْ رَدَّ عليكم في أسْفَلِ دَرَك من الجحيم»(٣) ، فيُلحَظ ورود جمل شرطية متوالية ، عُطِفَ بعضها على بعض بالواو ، فالجملة الاُولى (مَن اتّبعكم فالجنّة مأواه) وردت لأجل الترغيب بدلالة قوله (الجنّة مأواه) ، على حين سيقت الجملة الثانية (وَمَنْ خَالفكم فالنار مثواه ، وَمَنْ رَدَّ عليكم في أسْفَلِ دَرَك من الجحيم) في مَعْرِضِ الترهيب بدلالة قوله (فالنار مثواه) ، وقوله (في أسفل درك في الجحيم) ، وكذلك ورد قوله عليهالسلام : (مَنْ جَحَدَكُم
__________________
(١) ظواهر أسلوبية وفنّية في سورة النحل : ٥٨.
(٢) أنماط التركيب القرآني : ٢١٢.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨