كَافِرٌ ، وَمَنْ حَاربكم مُشْرِكٌ) في معرض الترهيب والتخويف والتقرير ، وورد الشرط في هذا النصّ أفعالاً ماضية ، هي (اتَّبعكم ، خَالفكم ، جَحَدَكُم ، حَاربكم ، رَدَّ عليكم) لكن هذه الأفعال قد سُلب منها الدلالة على الماضي ، ودلّت على الاستمرارية ، ذلك أنّ خطابات النصّ المقدّس لا يتعلّق بها زمن محدّد ، لأنّها خارجة في أصل وضعها عن حدود الزمان والمكان ، فممّا لا شكَّ فيه أنّ الأمور المشروطة التي ذكرها الإمام عليهالسلام تنطبق على أحكام عالمنا في مبدئه ومنتهاه ، وأنّها تنطبق على العوالم كلّها ، فأتباعُ الأئمّة فائزون في الشؤون كلّها ، على حين أنّ مخالفيهم وجاحديهم ومحاربيهم والرادّين عليهم خاسرون في أولاهم وأُخراهم. فكان فعل الشرط سبباً في أنْ يكون للمخالف أو المتّبع لهم عليهمالسلام جزاءً يتناسب وفعله تجاههم ، فكانت «متابعتهم عليهمالسلام سَبَباً لدخول الجنّة ، ومخالفتهم سَبَباً لدخول النار»(١) ، فالتَّاءُ وَالْبَاءُ وَالْعَيْنُ في هذا الفعل ـ تبعـ أَصْلٌ وَاحِدٌ يدلّ على «التُّلُوُّ وَالْقَفْوُ. يُقَالُ تَبِعْتُ فُلاناً إِذَا تَلَوْتَهُ ، وَاتَّبَعْتَهُ. وَأَتْبَعْتُهُ إِذَا لَحِقْتَهُ. وَالأَصْلُ وَاحِد»(٢) ، والاتِّبَاعُ : «أنْ يقفو المُتَّبِعُ أثرَ المُتَّبَعِ بالسعي في طريقه ، وهو يستعار في الدين والعقل والفعل»(٣) ، وهذا القفو واللحاق يشيران إلى معنى الاعتقاد بهم عليهمالسلام(٤) ، فالمعنى على ذلك أنّ أيّ شخص على وجه العموم اعتقد بولاية أهل البيت عليهمالسلام ، ولحقهم وقفا
__________________
(١) الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة : ٢١٧.
(٢) مقاييس اللغة : ٣٦٢ ، (تَبِعَ).
(٣) نزهة الأعين النواظر ، باب (الاتباع) : ٨٥.
(٤) ينظر : الأعلام اللامعة في شرح الزيارة الجامعة : ١٩٥.