البناء تبدو مستقلّة ، كلّ واحدة منها على حدة ، لكنّها من حيث الدلالة مرتبطة ومتآصرة ، فقد رُتِّبَتْ في النطق على موجب ترتيبها في الفكر(١).
ونجد أنَّ هذا النوع من التكرار قد برز أكثر في تكرار تراكيب الشرط(٢) في نصِّ الزيارة الجامعة بجمل متوازية منسّقة ، ففي قوله عليهالسلام : «مَنْ وَالاكُمْ فَقَدْ وَالى الله ، وَمَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى الله ، وَمَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ الله ، وَمَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ الله ، وَمَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِاللهِ»(٣) ، وكذلك في قوله عليهالسلام : «سَعَدَ مَنْ وَالاكُمْ ، وَهَلَكَ مَنْ عَادَاكُمْ ، وَخَابَ مَنْ جَحَدَكُمْ ، وَضَلَّ مَنْ فَارَقَكُمْ ، وَفَازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَأَمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ ، وَسَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَهَدِيَ مَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ ، مَنْ اتَّبَعَكُمْ فَالجَنَّةُ مَأْوَاهُ ، وَمَنْ خَالَفَكُمْ فَالنَّارُ مَثْوَاهُ ، وَمَنْ جَحَدَكُمْ كَافِرٌ ، وَمَنْ حَارَبَكُمْ مُشْرِكٌ ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ في أَسْفَلِ دَرِك مِنَ الجَحِيمِ»(٤).
فيلحظ تكرّر الجمل الشرطية في كلام الإمام عليهالسلام ، ففي كلامه (مَنْ ولاكم فقد وإلى الله) (ومَنْ عاداكم فقد عادى الله) (ومَنْ أحبّكم فقد أحبَّ الله) (ومَنْ أبغضكم فقد أبغض الله) (ومَنْ اعتصم بكم فقد اعتصم
__________________
(١) ينظر : اُسلوب طه حسين في ضوء الدرس اللغوي : ١٠١ ـ ١٠٢.
(٢) نجد مثال هذه الجمل حاضرة في القرآن الكريم ، مثلا توازي الجمل الشرطية المصدرة بـ : (مَنْ) ، في قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [الجاثية :١٥] ، وفي قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ) [الأنفال : ٣٨]
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢/٣٨٨.
(٤) المصدر نفسه : ٢/٣٨٨.