بالله) كرّر نسقاً نمطيّاً للجملة الشرطية تكوَّن من الأداة (مَنْ) وفعل الشرط وجوابه ، وفي كلامه : (سعد مَنْ والاكم) (وهلك مَنْ عاداكم) (وخاب مَنْ جحدكم) (وضلّ مَنْ فارقكم) (وفاز مَنْ تمسّك بكم) (وأمن مَنْ لجأ إليكم) (وسلم مَنْ صدّقكم) (وهدي مَنْ اعتصم بكم) كرّر نسقاً آخر للجملة الشرطية بتقدُّم الجواب على الشرط.
والربطُ بين هذه الجمل بالواو بشكل منسّق يلفت الانتباه ويدعو للتفكّر فيه ، فكان هذا التكرار سبباً في ضمِّ أجزاء الكلام وتنسيقها تنسيقاً جميلاً ، إذ تعاضدت التراكيب المتوازية في إماطة اللثام عن خبايا المعنى وإجلائه أكثر بهذا الضُّمّ والتراصّ الجميل ، وكأنّه كما يقول الجرجاني : «ترى سبيلَه في ضمِّ بعضِه إلى بعض سبيلَ مَنْ عمدَ إلى لآل فخرَطَها في سلك»(١) ، فجاءت التراكيب المتراصّة حاملة مع توازيها حيوية ومرونة ، كسرت قيود الرتابة والملل ، وجلبت أُنْس النفوس وارتياحها عند تلقّيها ، فيُلحَظ في مجموعة التكرارات هذه كيف كان تكرار الأداة (مَنْ) سبباً لتماسك النصِّ بتوالي التراكيب الشرطية بالعطف عليها بحرف الواو ، التي جمعت بتواليها معاني متعدّدة ، فضلاً عمّا لهذا العطف من آثار مهمّة في بناء وحدة النصّ وربط المتواليات مع بعضها(٢).
وكذلك كان للتقابل ـ الذي يعني «إيراد الكلام ، ثمّ مقابلته بمثله في
__________________
(١) دلائل الإعجاز : ١٢٦
(٢) ينظر : التوازي التركيبي في القرآن الكريم : ١/٩٢.