المعنى واللفظ على جهة الموافقة أو المخالفة»(١) الذي اكتنف هذه الجمل المتوالية ـ أثرٌ في الكشف عن المعنى وتوضيحه ، فللتقابل بين الألفاظ سحرٌ عجيب في نفس المتلقّي إن تُليت عليها المتقابلات ، ذلك أنّ «للنفوس في تقارن المتماثلات وتشافعها والمتشابهات والمتضادّات وما جرى مجراها تحريكاً وإيلاعاً بالانفعال إلى مقتضى الكلام ، لأنّ تناصر الحسن في المستحسنين المتماثلين والمتشابهين أمكنُ من النفس موقعاً من سنوح ذلك لها في شيء واحد. وكذلك حال القبح»(٢).
ففي كلام الإمام عليهالسلام جُمعت ألفاظ متقابلة من شأنها أنْ تحرّك انفعال النفس لها ، كالموالاة والمعاداة ، والهدى والضلال ، والجنّة والنار ، والحبّ والبغض ، فقابل بين (من والاكم فقد والى الله ، من عاداكم فقد عادى الله) ، و (من أحبّكم فقد أحبَّ الله ، من أبغضكم فقد أبغض الله) ، وبين (سعد من والاكم ، هلك من عاداكم) و (خاب من جحدكم ، فاز من تمسّك بكم) ، وبين (ضلّ من فارقكم ، هدي من اعتصم بكم) و (من اتّبعكم فالجنّة مأواه ، من خالفكم فالنار مثواه) ، فالفعلان (والاكم ، أحبّكم) قابلا الفعلين (عاداكم ، أبغضكم) ، ومن المؤكّد أنَّ أفعال (الولاء والحبّ) أكثر تأثيراً في النفس من أفعال (العداء والبغض) ، فالنفس الإنسانية بفطرتها تميل إليهما ، وتولع وتتحرّك باتّجاههما ، وإذا بها تجد أنَّ أثر الموالاة
__________________
(١) كتاب الصناعتين : ٣٣٧.
(٢) منهاج البلغاء : ٤٠.