البون الشاسع بين الواقفة والإمامية ، ومع سعة هذا الشرخ لا يمكن اعتبار زمان تحمّل الحديث عن عليّ بن أبي حمزة يعود إلى زمن انتسابه إلى المذهب الواقفي(١) ، فمن ناحية كان موقف الواقفة تجاه الإمام الرضا عليهالسلام شديداً ، حتّى سمحوا لأنفسهم أن يتجرّأوا ويتجاسروا على مقامه الشريف(٢) ، حتّى أنّ الإمام الرضا عليهالسلام قد حظر التعامل مع الواقفة ومجالستهم ، واعتبرهم بمثابة النواصب(٣) ، وبذلك يتّضح الموقف السلبي للشيعة منهم ، وإنّ لقب الممطورة(٤) ـ الذي يعني الكلاب المبتلّة بماء المطر ـ هو اللقب الذي أطلقه الإمامية على الواقفة ، ممّا يثبت الشرخ الواسع بين هذين الاتجاهين(٥).
وعليه فإنّ كبار الإمامية قبل ظهور الواقفية أي في الوقت الذي كان
__________________
(١) صرّح الشيخ البهائي في بعض كتبه بهذا الأمر.
(٢) انظر على وجه الخصوص : رجال الكشّي ، ص ٤٥٥ ـ ٤٦٧ ؛ غيبة الشيخ الطوسي ، ص ٢٣ ـ ٨١.
(٣) رجال الكشّي ، ص ٤٥٧ / ٨٦٤ ؛ وكذلك في ص ٢٢٩ / ٤١٠ و ٤١١ ، ٤٦٠ / ٨٧٣ و ٨٧٤.
(٤) رجال الكشّي ، ص ٤٦٠ / ٨٧٥ و ٤٦١ / ٨٧٨ و ٨٧٩ ؛ غيبة الطوسي ، ص ٦٩ ؛ الفصول العشرة في الغيبة ، ص ٤٨ و ١٠٩ ؛ كمال الدين ، ص ٩٣ ؛ المسائل الصاغانية ، ص ٦.
(٥) تمّت الإشارة في كتب المقالات والفرق من قبيل : فرق الشيعة للنوبختي ، ص ٨١ و ٨٢ ؛ المقالات والفرق ، ص ٩٢ و ٩٣ ؛ مقالات الإسلاميّين ، ص ٢٩ ، إلى الجذور التاريخية لهذا اللقب ، ووجه هذه التسمية كناية عن الكلاب التي يصيبها المطر لشدّة عفنها وإهمالها عند الناس ، وربّما كان ذلك بسبب تنجّس الإنسان الذي يدنو من مثل هذه الكلاب. ومهما كان فإنّ هذا التعبير يحكي عن عمق الشرخ بين الإمامية والواقفة ، وانظر أيضاً : مكتب در فرايند تكامل ، ص ٨٤ ، الهامش رقم : ٣٣.