تختلف ، قال بعض الناس : هو مانع من الله تعالى يمنعهم عن المعاصي فيما فرض الله عليهم من التبليغ عنه إلى خلقه ، وهو فعل الله دونهم ، وقال آخرون : العصمة من فعلهم ؛ لأنّهم يحمدون عليها ، وقال آخرون : يجوز على الأنبياء والمرسلين والأوصياء ما يجوز على غيرهم من الذنوب كلّها ، والأوّل باطل لقوله ... (ص ٨٨ و ٨٩).
ـ أمّا الإحتجاج على من أنكر الحدوث مع ما تقدّم فهو أنّا لمّا رأينا هذا العالم المتحرّك متناهية أزمانه وأعيانه وحركاته وأكوانه وجميع ما فيه ، ووجدنا ما غاب عنّا من ذلك يلحقه النهاية ووجدنا العقل يتعلّق بما لا نهاية ، ولولا ذلك لم يجد العقل دليلاً يفرّق ما بينهما ، ولم يكن لنا بدّ من إثبات ما لا نهاية له معلوماً معقولاً أبديّاً سرمديّاً ليس بمعلوم أنّه مقصور القوى ولا مقدور ولا متجزّئ ولا منقسم ، فوجب عند ذلك أن يكون ما لا يتناهى مثل ما يتناهى ، وإذ قد ثبت لنا ذلك فقد ثبت في عقولنا أنّ ما لا يتناهى هو القديم الأزلي ، وإذا ثبت شيءٌ قديم وشيءٌ محدث ، فقد استغنى القديم البارئ للأشياء عن المحدث الذي أنشأه وبراه وأحدثه ، وصحّ عندنا بالحجّة العقلية أنّه المحدث للأشياء ... (ص ٩٠ ـ ٩١).
وفيما بعد تتواصل هذه البحوث والمفردات الفلسفية.
ـ أمّا الردّ على من قال بالرأي والقياس والاستحسان والاجتهاد ومن يقول : (إنّ الاختلاف رحمة) ، فاعلم أنّا لمّا رأينا من قال بالرأي والقياس قد استعمل شبهات الأحكام لمّا عجزوا عن عرفان إصابة الحكم ، وقالوا : «ما من حادثة إلاّ ولله فيها حكم ، ولا يخلو الحكم من وجهين ، إمّا أن يكون نصّاً أو