ويعطينا الرحّالة الألماني يوهان وايلد Johann Wild ـ على سبيل المثال ـ معلومات حول رحلته للحجّ في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) كعبد رقيق مع سيّده الفارسي إلى مكّة ضمن القافلة المصرية ، وقد عسكر القائد (أمير الحجّ) في حديقة تبعد ميلين عن القاهرة قبل أسبوع ، وتقاطر الحجّاج إلى هناك بالتدريج ، أطلقت الأبواق إيذاناً ببدء الرحلة ، كان الحجّاج يسيرون في نظام لكي تسهل مراقبتهم في أثناء الرحلة ، كانت تحمل الجمال في أرتال الواحدُ تلو الآخر ، ومئة من الجنود المماليك المرافقين ومعهم ستّة مدافع. كان ثلاثون جملاً تحمل سلالاً فارغة لوضع الذين يمرضون من الحجّاج فيها. وكان كلّ رجل يحمل جوداً مملوءاً بالماء يكفي لثلاثة أيّام ، لم يكن هناك إمكانية لإعادة ملئه قبل الوصول إلى السويس ، وما كان شيء أثمن من الماء آنذاك. كان من المناظر المألوفة أن ترى الحجّاج الفقراء يطوفون بالمعسكر يتسوّلون ، وحينما يُقَدّم لهم الطعام كانوا يرفضون قائلين : «لا نريد أن نأكل لكن إكراماً لله شربة ماء».
بعد عبور السويس جابوا شبه جزيرة سيناء ، وكانوا يقضون يوماً كاملاً في شقّ طريقهم عبر الممرّ المرعب لسلسلة العقبة ، وهي سلسلة جبال عالية وصخور شاهقة ، كانت الجمال تقاد من خطامها بينما سار الحجّاج على الأقدام ، مكثوا يومين في مدينة العقبة في الوادي حيث آبار مياه الأمطار الحلوة يحرسها الجنود المماليك خوفاً من البدو.
كان عدد رجال القافلة (٢٠٠٠٠) وعدد الجمال (١٠٠٠٠٠). وصلوا إلى