أورد عليه في الكفاية أوّلا : بالقطع بأنّه ليس في العبادات إلّا أمر واحد كغيرها من الواجبات والمستحبّات.
والجواب عنه واضح بعد ما عرفت من حصر الطريق إلى اعتبار قصد القربة في تعدّد الأمرين والإحالة إلى العقل لا تفيد بعد اختصاص حكمه بالاشتغال فيما إذا لم يتمكّن الشارع من البيان ولو عند بعض العقول فالغرض مع تجويز ذلك عند بعض العقول لا يحصل بالإحالة بل لا بدّ من البيان بتعدّد الأمرين.
قال في تهذيب الاصول : إنّ الشرائط الآتية من قبل الأمر خارجة عن حريم الموضوع له في العبادات لكون ألفاظ العبادات موضوعة لمعنى غير مقيّد بشرائط آتية من قبل الأمر سواء قلنا بكونها موضوعة للصحيح أم الأعمّ فإذن نفس الأوامر المتعلّقة بالطبائع غير متكفّلة لإفادة شرطيّتها لخروجها عن الموضوع له فلا بدّ من إتيان بيان منفصل لإفادتها بعد امتناع أخذها في المتعلّق بل مع جوازه أيضا يكون البيان لا محالة منفصلا لعدم عين وأثر منها في الأوامر المتعلّقة بالطبائع. والإجماع والضرورة القائمتان على لزوم قصد الأمر أو التقرّب في العبادات يكشفان عن وجود أمر آخر فلا وجه لقوله : ليس في العبادات إلّا أمر واحد كغيرها .. إلى أن قال :
إنّ ما ذكره في آخر كلامه من استقلال العقل بوجوب الموافقة بما يحصل به الغرض غير صحيح لأنّ مرجعه إلى أنّ العقل يستقلّ بالاشتغال ومعه لا مجال لأمر مولويّ وفيه مضافا إلى جريان البراءة في المورد كما سيأتي بيانه أنّ حكم العقل بالاشتغال ليس ضروريّا بل أمر نظريّ تضاربت فيه الأفكار واكتفاء الشارع بحكم العقل إنّما يصحّ فيما لو كان الحكم العقليّ مقتضى جميع العقول وأمّا مع الاختلاف فلإعمال المولويّة مجال ولو لأجل ردّ القائلين بالبراءة. (١)
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٥٦.