فلذا يجب إعادة المأتيّ به بداعي الأمر الأوّل فيحصل الغرضان. (١)
ظاهر أوّله وإن كان هو الالتزام بالسقوط ولكن الذي ينتهي إليه في آخر العبارة هو أنّ الموافقة في أمثاله لا يكون علّة تامّة للسقوط وعليه فالأمر باق ومع بقائه كانت المصلحة القائمة بالمأتيّ به بداعي الامتثال قابلة للاستيفاء فحيث إنّ تلك المصلحة لازمة الاستيفاء تجب إعادة المأتيّ به بداعي الأمر الأوّل الباقي حتّى يحصل الغرضان.
وممّا ذكر يظهر ما في منتهي الاصول حيث أورد على المحقّق الأصفهانيّ بأنّ الأمر الأوّل بعد سقوطه وانعدامه ـ كما هو المفروض ـ لا يمكن أن يكون محرّكا نحو إتيان المأمور به فليس شيء في البين حتّى يؤتي المأمور به بذلك القصد ولو كان المراد من قصد الأمر المأخوذ في المتعلّق هو الأمر الثاني فيعود جميع المحاذير. (٢)
وثانيا : أنّ مع عدم السقوط لا يرفع الحاجة عن الأمر الثاني بدعوى كفاية استقلال العقل مع عدم حصول غرض الآمر بمجرّد موافقة الأمر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط أمره. فإنّ استقلال العقل بذلك مختصّ بما إذا لم يتمكّن الشارع من البيان ولو بالأمر به ثانيا وإلّا فالعقل مع تمكّن الشارع من البيان وعدم بيانه يحكم بقبح العقاب بلا بيان ولذا نقول بجريان البراءة في الشكّ في المحصّل فيما إذا كان المحصّل شرعيّا مع تمكّن الشارع من بيانه فلو قلنا بأنّ الوضوء أمر معنويّ وهو الطهارة ومحصّله هو الغسلتان والمسحتان فإذا شكّ في شرطيّة شيء أو جزئيّته فالحكم هو البراءة لأنّ المحصّل شرعيّ ومع عدم البيان تجري فيه البراءة وأخذ اشتراط القربة في المقام أيضا أمر بيد الشارع فإذا لم يأخذه مع تمكّنه من أخذه ولو
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٢٠٠.
(٢) منتهى الاصول ١ / ١٣٩.