بالأمر الثاني تجري فيه البراءة.
وعليه فالحاجة إلى الأمر الثاني لإفادة شرطيّة قصد القربة باقية.
وإلى ما ذكر أشار المحقّق الأصفهانيّ قدسسره حيث قال : بعد مقدّمات : فتحصّل من جميع ما حرّرناه أنّ الأمر الأوّل لا يسقط بموافقته لبقاء ما له دخل في تأثيره على حاله ولا يلزم لغويّة الأمر الثاني فإنّه إنّما يلزم ذلك لو حكم العقل بإيجاده بعنوانه والفرض عدمه وحكم العقل بإتيان ما يحتمل دخله في الغرض مقيّد بعدم تمكّن المولى من البيان كي لا تجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان والمفروض تمكّنه بالأمر الثاني وتخصيص التمكّن بالتمكّن من بيانه بالأمر الأوّل بلا مخصّص. (١)
هذا مضافا إلى ما في تهذيب الاصول من أنّ حكم العقل بالاشتغال ليس ضروريّا بل أمر نظريّ تضاربت فيه الأفكار واكتفاء الشارع بحكمه إنّما يصحّ لو كان الحكم بالاشتغال مقتضى جميع العقول ومع هذا الاختلاف يبقى مجال لإعمال المولويّة ولو لأجل ردّ القائلين بالبراءة.
أورد في الوقاية على تعدّد الأمرين بأنّه يترتّب عليه اللوازم البعيدة بل الفاسدة من تعدّد الثواب على تقدير الإطاعة وتعدّد العقاب على تقدير الترك أصلا واجتماعهما على تقدير الإتيان بذات الفعل بغير قصد الأمر وسقوط الأمر بهما معا. أمّا الأمر الأوّل فبالإطاعة : وأمّا الثاني فبارتفاع موضوعه فيلزم سقوط الأمر بالصلاة مثلا مع بقاء الوقت إذا أتى بها بغير قصد القربة وهو خلاف الضرورة إلّا أن يقال بحدوث أمرين آخرين على طبق الأوّلين لبقاء الغرض وقيل ذلك ولا يخفى أنّ ذلك رجوع إلى حديث الغرض الذي عرفت آنفا ضعفه ومعه لا يبقى احتياج إلى هذا الوجه ولا تبقى
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٢٠٢.