الأمر ليس إلّا المحرّك والباعث الإيقاعيّ لا المحرّك الحقيقيّ والتكوينيّ إذ المحرّك والداعي حقيقة ليس إلّا بعض المبادئ الموجودة في نفس المكلّف كمعرفته لمقام ربّه ودرك عظمته وكبريائه أو الخوف من عذابه أو الطمع في جنّته ورضوانه فشأن الأمر بنفس الفعل أو بالفعل بداعي حسنه أو غيره من الدواعي ليس إلّا تعيين موضوع الطاعة ولا يكون له تأثير تكوينيّ في بعث المكلّف وإلّا لزم اتّفاق افراد الإنسان في الإطاعة مع أنّ الضرورة على الخلاف. وعليه فلا يلزم اجتماع داعيين تكوينيّين على فعل واحد نظير توارد العلل المتعدّدة على معلول واحد إذا أتى بالفعل بداعي الأمر مع قصد حسنه أو مصلحته أو غيرهما من الدواعي إذ المحرّك والداعي الحقيقيّ هو شيء آخر وهو ما اشير إليه من بعض المبادئ الموجودة في نفس المكلّف كمعرفته لمقام ربّه ودرك عظمته وكبريائه أو الخوف من عذابه أو الطمع في جنّته ورضوانه. هذا مضافا إلى أنّ اعتبار قصد حسن الفعل أو مصلحته أو محبوبيّته في المتعلّق لتصحيح قصد القربة فيما اذا لم يأت بقصد الأمر والّا فمع قصد الأمر فلا حاجة في التقرّب به إلى قصد حسن الفعل أو مصلحته أو محبوبيّته حتّى يجتمع فيه الدواعي المتعدّدة على فعل واحد.
ولعلّ مقصود صاحب الكفاية من قوله : إلّا أنّه غير معتبر قطعا لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال أنّ ذلك أي جواز الاكتفاء بقصد الامتثال ينافي أخذ شيء من القصود الثلاثة في متعلّق الأمر إذ معنى الاكتفاء بقصد الامتثال في تحقّق التقرّب من دون قصد حسنه أو غيره من الدواعي هو عدم أخذ قصد حسنه أو مصلحته أو محبوبيّته في المتعلّق.
وأجاب عنه في نهاية النهاية بأنّ كفاية الإتيان بداعي الأمر لأجل أنّه يؤول إلى الإتيان بداعي المحبوبيّة أو الحسن أو المصلحة فالمدار على حصول أحد هذه الأمور ولو كان ذلك بتبع قصد الامتثال فإنّ كلّ ذلك كامن ومندرج تحت قصد الأمر فكفاية قصد الامتثال إنّما هي لحصول القصد الضمنيّ لا لأجل قصد الامتثال بنفسه