لا حسن فيه والعمل لله ليس إلّا العمل الإلهيّ من غير أن تكون إلهيّة من قبل الداعي وقد عرفت بعض الكلام فيما تقدّم. (١)
ويمكن الجواب عن قوله : «لا يعقل تعلّق الإرادة بما فيه مصلحة داعية إلى شخص هذه الإرادة» بما مرّ من أنّ غير المعقول هو ما إذا كان المأخوذ هو وجوده الخارجيّ وأمّا إذا كان المأخوذ وجوده العلميّ فلا إشكال لأنّ الوجود العلميّ لا يكون متقوّما بالوجود الخارجيّ بما هو بل بصورة شخصه لا بنفسه.
كما يمكن الجواب عن قوله : «فكلّ ذلك مبنيّ على عباديّة المورد» بمنعه في الأخيرين لأنّ ما لا حسن فيه لا يكون ممّا أهل له تعالى وأمّا ما فيه حسن فلم لا يكون أهلا له تعالى.
ودعوى «أنّ العمل لله ليس إلّا العمل الإلهيّ من غير أن تكون إلهيّة من قبل الداعي» مجازفة ومصادرة ولا دليل عليها لعدم لزوم تقدّم العباديّة وعليه يكفي تحقّقها من قبل الداعي فإذا أتى بشيء حسن أو ذي مصلحة له تعالى تحقّقت العبادة مقرونة بالداعي المذكور ولا حاجة إلى تقدّمها ولعلّ إليه أشار بقوله : «وقد عرفت بعض الكلام فيما تقدّم» فافهم.
فتحصّل أنّه لا وجه لاستحالة أخذ دواعي القربة في متعلّق الأوامر كما لا وجه لأخذ قصد الامتثال بأمر واحد أو بأمرين في متعلّق الأمر.
تصحيح العبادة من دون قصد القربة :
ولا يذهب عليك أنّ صاحب الدرر تفصّى عن الإشكالات الواردة على أخذ قصد الامتثال أو دواعي القربة بالوجهين الآخرين :
الوجه الأوّل : أنّ المعتبر في العبادات ليس إلّا وقوع الفعل على وجه يوجب
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٢٠٣.