ما ذهب إليه صاحب الكفاية وصاحب الدرر من الإطلاق المقاميّ والقول بأنّ مقدّمات الحكمة توجب الحكم في المقام بإطلاق الغرض كما توجب الحكم في سائر الموارد بإطلاق متعلّق الطلب.
فتحصّل من جميع ما ذكرناه لحدّ الآن أنّ الأخذ بالإطلاق اللفظيّ ممكن سواء أمكن أخذ قصد القربة في متعلّق التكليف متّصلا أو لم يمكن ويحكم بمقدّمات الإطلاق على إطلاق متعلّق التكليف وعدم تقييده بقصد القربة فلا تغفل.
المقام الرابع : مقتضى الأصل العمليّ :
ولا يخفى عليك أنّ الأصل العمليّ في المقام ينقسم إلى البراءة العقليّة والبراءة الشرعيّة.
أمّا الاولى فقد ذهب الشيخ الأعظم قدسسره على ما حكي عنه إلى منع جريانها حيث قال : المقام ممّا يحكم العقل فيه بالاشتغال وإن قلنا بالبراءة في دوران الأمر بين المطلق والمقيّد لأنّه بعد العلم بتمام المطلوب في مرحلة الثبوت لو شكّ في سقوطه بإتيان ذاته وعدم سقوطه بواسطة بقاء الغرض المحدث للأمر لا مجال إلّا للاحتياط لأنّ اشتغال الذمّة بالأمر الثابت المعلوم متعلّقه يقتضي القطع بالبراءة عنه ولا يكون ذلك إلّا بإتيان جميع ما يحتمل دخله في الغرض وممّا ذكر نعرف الفرق بين المقام وسائر الموارد وملخّص الفرق أنّ الشكّ فيها راجع إلى مرحلة الثبوت وفي المقام إلى السقوط.
وتبعه في الكفاية وقال : لا بدّ عند الشكّ وعدم إحراز كون الآمر في مقام بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه وإن لم يكن له دخل في متعلّق أمره من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل ويستقلّ به العقل وهو ليس إلّا أصالة الاشتغال ولو قيل بأصالة البراءة فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين.