موارد التقيّة والمتكلّم فيها لا يتمكّن من ذكر القيود والشرائط متّصلا ومع ذلك تجري البراءة في القيد المشكوك. فلو كان اللازم في جريان البراءة العقليّة هو التمكّن من ذكر القيد متّصلا فلا تجري في القيد المشكوك في الأقلّ والأكثر أيضا مع أنّ المفروض هو جريانها في مثله لعدم قيام الحجّة عليه وما لم تقم الحجّة عليه ليس بواجب كما لا يخفى.
ودعوى أنّ أصل الغرض معلوم والشكّ في حصوله للشكّ من كون المأتيّ به مسقطا للغرض وحده بلا قصد القربة والعقل يحكم في مثله بالفراغ اليقينيّ بإتيان جميع ما له دخل في ذلك ولو احتمالا مندفعة أوّلا : بما أفاده سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره في تهذيب الاصول من أنّ ما ذكر من البرهان لإثبات الاشتغال جار في الأقلّ والأكثر أيضا إذ القائل بالاشتغال هناك يدّعي أنّ الأمر بالأقلّ معلوم ونشكّ في سقوطه لأجل ارتباطيّة الأجزاء وأنّ الغرض المستكشف من الأمر معلوم ونشكّ في سقوطه بإتيان الأقلّ فيجب الإتيان بكلّ ما احتمل دخله في الغرض.
وثانيا : بأنّ ما اشتهر من وجوب تحصيل العلم بحصول أغراض المولى ومقاصده لا يرجع إلى محصّل إذ الأغراض إن كانت حاصلة بنفس ما وقع تحت دائرة البيان فما هو واجب تحصيله حينئذ في محيط العبوديّة هو ما تعلّق به البيان من الأجزاء والشرائط ويتبعه الغرض في الحصول وإن كانت غير حاصلة إلّا بضمّ ما لم تقم عليه الحجّة فلا نسلّم وجوب تحصيله. (١)
وثالثا : بأنّ الغرض لو كان مركّبا أو أمكن انبساطه على المتعلّق فعلى تقدير تسليم وجوب تحصيل الغرض يمكن أن يقال إنّ الغرض يدور أمره بين المعلوم والمشكوك فتجري البراءة بالنسبة إلى ما زاد على المعلوم ولا فرق فيه بين أن يكون القيد المشكوك ممكن الأخذ وبين أن لا يكون كذلك فلا تغفل.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٦٤.